الحقيقيّة من الكاذبة ، وليمشي بخطى ثابتةٍ مع إيمانٍ ويقينٍ كاملين في هذا الطريق ، والقرآن الكريم ، هو خير دليلٍ في هذا المضمار ، ويُصرّح القرآن الكريم ، بأنّ الأعمال الأخلاقيّة هي وليدة الإيمان بالله واليوم الآخر ، ودائماً ما يردف : (العمل الصالح) بالإيمان ، وعرّف العمل الصالح ، بالّثمرة لشجرة الإيمان.
ومثّل الإيمان ، بالشّجرة الطيّبة ، وجذورها ثابتة في روح وأعماق الإنسان ، وفروعها وأوراقها وارفة ، تؤتي بثمارها كلّ حين ، وأشار إشارة جميلةً فقال الله تعالى :
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها)(١).
ومن البديهي ، أنّ الشجرة التي تمدّ جذورها في أعماق القلوب ، وتتفرع أغصانها من جميع أعضاء الإنسان ، وترتفع في سماء حياته ، هي شجرةٌ وارفةٌ لا يؤثّر فيها جفاف الخريف ، ولا تقلعها العواصف أبداً. (٢)
وجاء أيضاً في سورة «والعصر» ، نفس هذا المعنى ولكن بتعبير آخر ، فالقاعدة ولكن
الكلّية هو الخسران والتّضييع للإنسان ، والمستثنون من ذلك هم المؤمنون ، في أوّل الأمر ، ثم الّذين يعملون الصّالحات ويتواصون بالحقّ والصّبر :
(وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ).
وجاء نفسُ هذا المعنى وبتعبيرٍ جميلٍ آخر ، في الآية (٢١) من سورة النور ، فيقول الله
__________________
١ ـ سورة ابراهيم ، الآية ٢٤ و ٢٥.
٢ ـ إختلف المفسّرون في ما هو المقصود من الشّجرة الطيّبة؟ ، وهل يوجد مثل هذا التشبيه في الخارج أم لا؟. وهنا كلام كثير ، فالبعض قال : أنّ الشجرة الطيّبة هي كلمة لا إله إلّا الله ، وبعض قال : أنّها أوامر الباري تعالى ، وآخَرون قالوا أنّها الإيمان ، وفي الواقع أنّ هذه كلّها تعود إلى حقيقةٍ واحدةٍ ، وإختلفوا أيضاً في هل أنّ هذه الشجرِة لها واقع خارجي ، وأنّ أصلها ثابت في الأرض وأوراقها وفروعها في السّماء ومثمرة في كلّ وقتٍ وحِينٍ ، حقيقةً ، أو لا؟. ولكن يجب أن لا ننسى أنّ كلّ تشبيه لا يتوجب أن يكون له وجود خارجي ، فعند ما نقول : أنّ القرآن الكريم كشمسٍ لا غروب لها ، وبالطّبع فلا وجود للشّمس التي لا غروب لها ، والقصد من ذلك هو التّشبيه بالشمس لا أكثر ، حيث يمكن أن تختلف خصائص هذه الشمس في الخارج.