البعض ، فالمقصود منه هو «العدالة» ، وإذا كان العلم في دائرة وظائف الإنسان مع خالقه هو «التدين والعبودية» ، فهذه الفضائل الخمسة ، يعني : الحكمة ، والشجاعة ، والعفّة ، والعدالة ، والعبودية ، هي الاصول الاولى للأخلاق السُّقراطيّة) (١).
وكثير من علماء الإسلام الذين كتبوا وبحثوا في علم الأخلاق ، قبلوا هذه الاصول الأربعة أو الخمسة ، ودقّقوا فيها أكثر ، وبنوا لها اصولاً أقوى وأفضل من سابقتها ، وجعلوها أساساً لرؤاهم الأخلاقيّة في كلّ المجالات.
يقولون في نظرتهم الجديدة لهذه الاصول :
إنّ نفس وروح الإنسان فيها ثلاثة قوى هي :
١ ـ قوّة «الإدراك» وتشخيص الحقائق.
٢ ـ قوّة جلب المنفعة أو بتعبير آخر «الشّهوة» ، (بمعناها الوسيع ، لا الجنسيّة فقط وتشمل كلّ طلبٍ وإرادةٍ).
٣ ـ القوّة الدّافعة أو بتعبير آخر «الغضب».
وبعدها إعتبروا الإعتدال في كلّ قوّةٍ ، هو إحدى الفضائل الأخلاقيّة ، وأطلقوا على الفضائل المنبعثة من هذه القوى ب : «الحكمة» و «العفّة» و «الشّجاعة» ، بالترتيب.
وأضافوا أيضاً : كلّما أصبحت قوّة الشّهوة والغضب خاضعة لسلطة القوّة المدركة ، وتمييز الحقّ من الباطل ، فسوف ينتج عندنا الأصل الرّابع وهو «العدالة».
وبعبارةٍ اخرى : إنّ تحقيق الإعتدال في كلّ من القوى الثّلاثة ، يعتبر فضيلةً ، وهذا الإعتدال يسمّى ب : «الحكمة» أو «العفّة» أو «الشّجاعة» ، وتركيبها مع بعضها البعض ، يعني تبعيّة الشّهوة والغضب للقوّة المدركة ، يعتبر فضيلةً اخرَى تسمّى «العدالة» ، وكثيراً ما نرى أنّ الإنسان لديه الشّجاعة وفي حدّ إعتدال قوّة الغضب ، لكنّه لا يوجّهها التّوجيه الصّحيح ، ولا يستعملها الإستعمال الصحيح ، «كما لو إستعملها في الحروب غير الهادفة» ، فهنا قد تكون لديه شجاعة ولكنّها لا تعني العدالة ، أمّا لو إستعمل صفة (الشّجاعة) في نطاق الأهداف السّامية
__________________
١ ـ سير حكمت در اروپا ، ج ١ ، ص ١٨ ، مع شيء من التلخيص.