«وَالجِهادُ مِنها عَلَى أَربَعِ شُعَبٍ ، عَلَى الأمرِ بِالمَعرُوفِ والنَّهِي عَنِ المُنكَرِ ، والصِّدقِ فِي المَواطِنِ ، وَشَنآنِ الفَاسِقِينَ».
وبعدها يبيّن شعب الكفر ، ويشرحها واحداً تَلْو الآخر (١).
فكما تلاحظون أنّ الإمام علي عليهالسلام ، رسم الاصول الإسلامية للإيمان والكفر ، بدقّةٍ متناهيةٍ ، وآثارها في المحتوى الداخلي للإنسان وعلى سلوكه الخارجي ، والتي تشمل الأخلاق العمليّة ، فذكر لكلّ فرعٍ ، فرعاً آخر ، وتحليل هذه الجزئيات يتطلب كتابة مقالة اخرى.
٣ ـ نقرأ في حديثٍ آخر عن الإمام علي عليهالسلام :
«أَربَعٌ مَنْ اعطِيهُنَّ فَقَدْ اوتِيَ خَيرَ الدُّنيا والآخِرَةِ ، صِدقُ حَدِيثٍ وَأَداءُ أَمانةٍ ، وَعِفَّةُ بَطنٍ وَحسنُ خُلُقٍ» (٢).
٤ ـ ـ وجاء في حديثٍ آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام ، في نفس هذا المعنى ، بتلخيصٍ أكثر ، حيث جاء إليه أحد الأشخاص ، وطلب منه أن يُعلّمه أمراً يكون فيه خير الدنيا والآخرة ، وبشكلٍ موجز ، فقال الإمام عليهالسلام في معرض جوابه : «لا تِكْذِب تَكِذْبَ» (٣).
والحقيقة هي كذلك ، لأنّ جذور كلّ الفضائل تمتد إلى حديث الصّدق ، فالإنسان لا يكذب على الناس ولا على نفسه ولا على الله تعالى ، وعند ما يقول في صلاته : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، ينبغي أن لا يكون فيها كاذباً أبداً ، بل يبتعد عن كلّ ما هو شيطاني ، وهوى النفس ، وتكون حركته في دائرة خضوعه وتسليمه لله فقط ، ولا يعتمد على المال والجاه والقدرة والمقام ، ويترك ما سوى الله تعالى ويكون إعتماده الأوّل والأخير على لطف الله تعالى ومعونته ، فإذا أصبح الإنسان كذلك ، فسوف يعيش الحياة المعنويّة في جميع فروع واصول الأخلاق.
__________________
١ ـ الكلمات القصار ، نهج البلاغة ، الكلمة ٣١ (مع التلخيص) وكذلك في اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٣٩١ ، باب دعائم الكفر وشعبه.
٢ ـ غرر الحكم.
٣ ـ تحف العقول ، ص ٢٦٤.