والأزمنة ، لا يعرف بها الشهور والسنون إلا بعد جهد ؛ وبالقمر لا تعرف أوقات الصلوات والأزمنة ، جعل الله تعالى في الشمس منفعتين : منفعة التقلب ومعرفة الأزمنة ، ومعرفة (١) نضج الأشياء وينعها ، وفي القمر منفعتين أيضا : أحدهما : معرفة حساب الأيام والشهور والسنين ، ومعرفة (٢) نضج الإنزال والأشياء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) ليس أن يعرف هذا بهما ولا يعرف غيره ، بل يعرف ما ذكر وأشياء كثيرة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ).
قال أبو بكر الأصم والكيساني : (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ) ، أي : ما خلق الله ذلك إلا وقد جعل فيه دلالة معرفته. وقال قائلون : (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ) ، أي : ما خلق الله ذلك إلا وقد جعل فيه [دلالة معرفة](٣) الشهادة له على الخلق ، وهي شهادة الوحدانية والألوهية.
وقال بعضهم : ما خلق الله ذلك إلا بالأمر الكائن لا محالة وهو البعث.
ويحتمل قوله : (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ) أي : بالحكمة ، لم يخلق ذلك عبثا باطلا ؛ وهو كقوله : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) [ص : ٢٧] ولكن بحكمة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
قيل : نبين أو نصرفها لقوم ينتفعون بعلمهم ، إنما ذكر الآيات فيما ذكر لقوم يعقلون ولقوم يتفكرون ولقوم يفقهون الآيات التي ينتفعون بها ويعقلون الشيء ، إنما يكون للشيء الذي ينتفع به لا للذي لا ينتفع به.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ).
إن في اختلاف الليل والنهار آية البعث ودلالة تدبير صانعهما ، أما دلالة البعث فهي أن كل واحد منهما إذا جاء ذهب الآخر وفني حتى لا يبقى له الأثر ، ثم يتجددان ويحدثان على ذلك أمرهما ، ويتلف كل واحد منهما صاحبه حتى لا يبقى له الأثر ، فمن قدر على ما ذكرنا قدر على بعثهم وإنشائهم بعد الموت بعد ما صاروا ترابا ، وأما دلالة التدبير فهو جريانهما [وسيرهما](٤) على سنن واحد وتقدير واحد من غير تغيير يقع فيهما أو تفاوت أو
__________________
(١) في أ : ومنفعة.
(٢) في أ : ومنفعة.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.