كتبوا في الكتب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) : اللعنة : قال بعضهم : هي الطرد عن جميع المنافع والإبعاد عن رحمة الله في الدنيا عن دينه وفي الآخرة عن ثوابه. وقال بعضهم : اللعنة هي العذاب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يصدون يحتمل وجهين :
يحتمل أن أعرضوا هم بأنفسهم عن دين الله.
ويحتمل صرفوا الناس عن دين الله ، لكنه يتبين ذلك بالمصدر أنه أراد ذا أو ذا ، يقال في الإعراض بنفسه : صد يصد صدودا ؛ كقوله : (يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) [النساء : ٦١] ، ويقال في صرف غيره : صد يصد صدا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) [الأعراف : ٤٥] : قال بعضهم : هم بغاة على دين الله بالجور.
وقال بعضهم : يبغون من النساء الميل عن دين الله إلى دينهم ، فذلك هو بغي العوج ، كل سبيل غير سبيل الله فهو عوج وبغي ، كأنه يقول : يبغون سبيلا غير سبيل الله.
(وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) : في الدنيا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) أي : أولئك لم يكونوا معجزي الله في الدنيا من أن يعذبهم وينتقم منهم إن شاء. والثاني : أولئك لم يكونوا سابقي الله في الآخرة في دفع العذاب عن أنفسهم. وجائز أن يكون الآية في الأئمة منهم والجبابرة يخبر أنهم غير معجزي الله فيما يريد منهم من التعذيب لهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) هم حسبوا أن أولئك الذين عبدوهم من دون الله يكونون لهم أولياء ؛ لأنهم يقولون : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨] و (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] كانوا يطمعون في شفاعة الأصنام التي كانوا يعبدونها ، أو الذين اتبعوهم يكونون لهم أولياء فأخبر أن ليس لهم أولياء على ما ظنوا وحسبوا ، بل يكونون لهم أعداء ؛ كقوله : (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً ...) الآية [الأحقاف : ٦] ، وأمثاله كثير ؛ وكقوله : (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) [العنكبوت : ٢٥] ؛ وكقوله : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) [يس : ٧٤] أي : لم يكن لهم ما طمعوا ، وقوله : (سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) [مريم : ٨٢] صاروا لهم أعداء على ما ذكر.
ويحتمل (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) أي : لا ينفعهم ولاية من اتخذوا أولياء ؛