(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) : أنه لا يسع لي ما تدعونني إليه من طرد هؤلاء أو رد إيمانهم ، أو أفلا تذكرون فتؤمنون.
وما روي في حرف أبي بن كعب (١) : أنلزمكموها شطر أنفسنا فمعناه أنلزمكموها نحن أنفسنا وأنتم قوم معاندون (٢).
وفي حرف ابن عباس : أنلزمكموها من شطر أنفسنا أي : من تلقاء أنفسنا (٣) ، أي : لا نقدر أن نلزمكم ذلك من تلقاء أنفسنا وأنتم كارهون لذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) يخرج على وجوه :
أحدها : يقول : ليس عندي خزائن الله والسعة ، فأبذل لكم لتؤمنوا رغبة في المال والسعة.
والثاني : يقول : ليس عندي سعة ، فيقع عندكم أني أدعوكم إلى ما أدعوكم إليه افتعالا رغبة في المال على ما يفعل المفتعلون للرغبة في المال ، ولكن لتعلموا أني مكلف في ذلك.
والثالث : يحتمل ما ذكرنا من أسئلة كانت منهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) : هذا القول منه لهم يحتمل الوجهين :
أحدهما : أنه قال ذلك لهم على أثر أمور وأسئلة كانت منهم من نحو قولهم (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) [هود : ١٢] ، وقولهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً. أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ) [الإسراء : ٩٠ ـ ٩١] ، وقولهم : (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) [الإسراء : ٩٣] وأمثال ما كان منهم ، فيقول لهم : ليس ذلك عندي وبيدي ، إنما ذلك عند الله وبيده.
(وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) يحتمل أن يكونوا سألوه أن يخبرهم عن أمور تستقبلهم قبل أن تستقبلهم ، إن كان شرا فيعدوا له في دفعه ، وإن كان منافع فيستقبلوا لها ويتهيئوا ، فيقول لهم : ذا غيب وأنا لا أعلم الغيب إنما العلم في ذلك إلى الله ، ولا أقول : إني ملك أعلم أخبار السماء والأمور التي فيها ، إنما أنا بشر مثلكم.
__________________
(١) ينظر اللباب (١٠ / ٤٧٢).
(٢) أخرجه ابن جرير (٧ / ٣٠) (١٨١٢٥) ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٩١) وزاد نسبته لابن المنذر عن أبي بن كعب.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٣٠) (١٨١٢٣) و (١٨١٢٤) ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٩١) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عباس.