إخوة مع بعد النسب الذي بينهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) : يعبد أي : الذين تعبدون ليسوا بآلهة يستحقون العبادة [إنما الإله الذي يستحق العبادة](١) الله الذي خلقكم وخلق لكم الأشياء (٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) أي : ما أنتم إلا مفترون ، لا يحتمل أن يكون هو قال لهم هذا في أول ما دعاهم إلى التوحيد ، وفي أول ما ردوا إجابته وكذبوه ؛ لأنهم أمروا بلين القول لهم وتذكير النعمة عليهم ؛ كقوله لموسى وهارون حيث بعثهما إلى فرعون بقوله : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) الآية [طه : ٤٤] ، ولكن كأنه قال لهم ذلك بعد ما سبق منه إليهم دعاء غير مرة ، وأقام عليهم الحجة والبراهين فردوها ، فعند ذلك قال لهم هذا حيث قالوا : (يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ ...) الآية [هود : ٥٣].
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) : يحتمل في تسميتهم الأصنام التي عبدوها آلهة ، يقول : [إن](٣) أنتم إلا مفترون في ذلك.
ويحتمل أنه سماهم مفترين فيما قالوا الله أمرهم بذلك ، يقول : أنتم مفترون فيما ادعيتم الأمر بذلك ، أو مفترون في إنكارهم البعث والرسالة (٤).
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي) : هذا قد ذكر (٥) في غير موضع يقول لهم ـ والله أعلم ـ : إني لا أسألكم على ما أدعوكم إليه أجرا يمنعكم ثقل ذلك الأجر وغرمه عن الإجابة ، فما الذي يمنعكم عن الإجابة لي ويحملكم على الرد [بل أدعوكم إلى](٦) ما ترغبون فيه ، فكيف يمنعكم عن الإجابة والنظر فيما أدعوكم إليه؟!
(أَفَلا تَعْقِلُونَ) : أنى رسول إليكم بآيات وحجج جئت بها ، أو : أفلا تعقلون أنها آيات وحجج ونحوه ، أو يقول : أفلا تعقلون أن الله واحد وأنه رب كل شيء وخالق كل شيء ومنشئه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) : يحتمل أن يكون قوله
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : أشياء.
(٣) سقط في ب.
(٤) في ب : أو الرسالة.
(٥) في ب : ذكرنا.
(٦) في ب : بل أدعوكم على ما أدعوكم إليه.