ثم قوله : (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) [يحتمل : أن يكون قوله : (سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) لما جاءته الرسل بإهلاك قومه ساءه ذلك ، وضاق به ذرعا كذلك أيضا. ويحتمل قوله : (سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً)](١) بسوء صنيع قومه بأضيافه ، الحرفان جميعا ينصرفان (٢) إلى لوط لمكان قومه ، أو لمكان أضيافه ، أو يكون أحد الحرفين لمكان ضيفه ، والآخر لمكان ما ينزل بقومه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) قال بعضهم : يسرعون إليه (٣).
وقال بعضهم : (يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) أي : يروعون إليه (٤) ، وهو سير بين السعي وبين المشي بين بين.
وقال بعضهم : [قوله](٥)(يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) أي : يروعون إليه ، من الروع ، أي : فزعين إليه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) هذا يحتمل وجهين : يحتمل قوله : (وَمِنْ قَبْلُ) أي : من قبل أن يبعث لوط رسولا إليهم كانوا يعملون السيئات.
ويحتمل قوله : (وَمِنْ قَبْلُ) أي : من قبل نزول الأضياف (٦) بلوط كانوا يعملون السيئات ، والسيئات تحتمل الشرك وغيره من الفواحش التي كانوا يرتكبونها ، والله أعلم.
وقوله : (قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) اختلف في قوله : (بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) قال بعضهم : أراد بنات قومه ؛ لأن الرسل هم كالآباء لأولاد قومهم ينسبون إليهم ؛ ألا ترى إلى قوله : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦].
وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه ، (وهو أب لهم كما أزواجه أمهاتهم والنبي أب لهم) (٧) ؛ فعلى ذلك يحتمل قول لوط : (هؤُلاءِ بَناتِي) أراد بنات قومه فنسبهن إلى نفسه ؛
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط في أ.
(٢) في ب : ينصرف.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٨٢) عن كلّ من : الضحاك (١٨٣٧٨) ، وقتادة (١٨٣٧٩ ، ١٨٣٨٠) ، والسدي (١٨٣٨١) ، وشمر بن عطية (١٨٣٨٤) ، وابن عباس (١٨٣٨٥).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦١٩) وزاد نسبته لابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٤) أخرجه ابن جرير (٧ / ٨٢) (١٨٣٨٢) وذكره البغوي (٢ / ٣٩٥).
(٥) سقط في ب.
(٦) في أ : الضياف.
(٧) أخرجه ابن جرير (٧ / ٨٣) (١٨٣٩٤) عن سعيد بن جبير ، وذكره السيوطي (٣ / ٦٢٠) وعزاه لابن أبي الدنيا وابن عساكر عن السدي.