وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِلى مَدْيَنَ) [أي : إلى مدين أرسلنا](١)(أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) هذا قد ذكرنا فيما تقدم : أن كل نبي أول ما دعا قومه إنما دعا إلى توحيد الله ، وجعل العبادة له.
وفي قوله : (أَخاهُمْ شُعَيْباً) وما ذكر في غيره من الأخوة دلالة على أن الرسل من قبل كانوا يبعثون (٢) من جنس قومهم لا من الملائكة حيث قال : (أَخاهُمْ شُعَيْباً) ، ومعلوم أنهم لم يكونوا إخوة لهم في الدين ، وفيه أن المؤاخاة (٣) لا توجب فضيلة المؤاخى له ؛ [لأنه ذكر أن الرسل](٤) إخوة أولئك الأقوام ، ومنهم (٥) كفرة ، وذلك يرد قول الروافض في تفضيل عليّ على أبي بكر بالمؤاخاة التي كانت بين رسول الله وبين علي ؛ والخلة توجب الفضيلة ، وقد جاء عنه عليهالسلام [أنه قال](٦) : «لو اتخذت سوى ربي خليلا ، لاتخذت أبا بكر خليلا» (٧).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) ، ذكر أنهم [كانوا](٨) ينقصون المكيال والميزان ، ولا يوفون الناس حقوقهم ، فنهاهم عن ذلك ، فهو ـ والله أعلم ـ لوجهين :
أحدهما : أنهم إنما نهوا عن ذلك ؛ لحق الربا ؛ لأن النقصان إذا كان برضا من صاحبه يجوز ؛ فدل أنه إنما نهاهم بحق الربا ، وفيهما يجري الربا.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : من البشر.
(٣) في أ : الأخوة.
(٤) في أ : لأن الرسل.
(٥) في أ : وهم.
(٦) سقط في ب.
(٧) أخرجه ابن مردويه عن ابن الزبير كما في الدر المنثور (٣ / ٢٤٣) بلفظ «غير» بدل «سوى» ، وزاد : «ولكن أخي وصاحبي في الغار» ، وفي الباب عن ابن عباس ، وابن مسعود.
حديث ابن عباس :
أخرجه البخاري (١ / ٦٦٥) كتاب الصلاة : باب الخوخة والممر في المسجد ، حديث (٤٦٧) ، وفي (٧ / ٢١) كتاب فضائل الصحابة : باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لو كنت متخذا خليلا» ، حديث (٣٦٥٦ ـ ٣٦٥٧) ، وأحمد (١ / ٢٧٠).
حديث ابن مسعود :
أخرجه مسلم (٤ / ١٨٥٥) ، كتاب فضائل الصحابة : باب من فضائل أبي بكر ، حديث (٣ / ٢٣٨٣) ، والترمذي (٥ / ٦٠٦) كتاب المناقب : باب مناقب أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ حديث (٣٦٥٥).
(٨) سقط في أ.