والثانى : فيه أن [هبة](١) المشتري للبائع ، وتقلبه [فيه](٢) قبل قبضه على قيام البيع فيما بينهما غير جائز ؛ والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) قيل (٣) : [في سعة](٤) من المال.
وقيل (٥) : في رخص من السعر (٦) ، وإنما يحمل المرء على النقصان والظلم على آخر ـ عز الشيء وضيق [الحال](٧) ، فكيف تنقصون أنتم في حال السعة ورخص السعر (٨).
أو يقول : (إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) في غير هذا ، فلا تظلموا الناس في هذا ، و [لا](٩) تمنعوا حقوقهم ، (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) ، أي : يوم يحيط بهم العذاب إن كانت الإحاطة مضافة إلى اليوم فهو محيط بالكل ، وإن كانت الإحاطة مضافة إلى العذاب ، فهو محيط بالكفرة خاصة ، وهو ـ والله أعلم ـ أنه ما من جارحة من ظاهرة وباطنة إلا وقد يصيبها العذاب ، ويحيط بها ، ليس كعذاب الدنيا يأخذ جزءا دون جزء ، بل يحيط به ، والنهي (١٠) بتخصيص نقصان الكيل والميزان لا يدل على أن لم يكن فيهم (١١) من المآثم والإجرام سوى ذلك ، لكنه خص هذا ؛ لما كان الظاهر فيهم نقصان الكيل والوزن ، فذكر ذلك ، وهو ما خص قوم لوط بقوله : (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ) [الشعراء : ١٦٥] و (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ ...) الآية [العنكبوت : ٢٨] ، ذكر هذا وخصهم ، ليس على أنهم لم يكونوا يأتون من الفواحش غيرها ، لكن خص هذا ؛ لأن الظاهر فيهم هذا ؛ فعلى ذلك نقصان الكيل والميزان في قوم شعيب ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) خص المكيال والميزان [والله أعلم](١٢) ـ لما كانوا يطففون المكيال وينقصون الميزان ؛ رغبة فيهما ، وفيهما يجري الربا ، كما (١٣) ذكرنا.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) قاله ابن عباس بنحوه ، كما في تفسير البغوي (٢ / ٣٩٧).
(٤) في أ : وسعة.
(٥) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (١٨٤٨١) ، وأبو الشيخ عنه كما في الدر المنثور (٣ / ٦٢٦).
(٦) في أ : السعة.
(٧) في ب : المال.
(٨) في أ : السعة.
(٩) سقط في أ.
(١٠) في أ : النهي.
(١١) في أ : فيه.
(١٢) سقط في أ.
(١٣) في أ : لما.