وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) ، فيه دلالة أن المشتري يملك المبيع قبل أن يقبضه (١) ؛ لأنه قال : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) أضاف إلى الناس أشياءهم ، فلو كان لا يملك ، لم يكن أشياء الناس ، إنما كان [أشياء البائع](٢) ، فإنما نقص ماله.
[وقوله](٣) : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، وهو ما ذكر في موضع آخر : (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها).
وقوله ـ عزوجل ـ : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) قال بعضهم : ما أبقى الله لكم من ثوابه في الآخرة خير لكم إن آمنتم به ، وأطعتموه مما تجمعون من الأموال.
[و](٤) قال بعضهم (٥) : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ) أي : ما جعل الله لكم مما يحل خير لكم مما يحرم عليكم من نقصان الكيل والوزن ، (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بالحلال أو بالآخرة.
وقال بعضهم (٦) : طاعة الله ـ وهو ما يأمركم به ، ويدعوكم إليه ـ خير لكم مما تفعلون.
وقال الحسن : رزق الله خير لكم من بخسكم الناس حقوقهم (٧) ، لكن هذا يرجع إلى ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) يحتمل : ما أنا عليكم بحفيظ ، أي : لست أشهد بياعاتكم وأشريتكم حتى أعلم ببخسكم (٨) الناس المكيال والميزان ، لكن إنما أعرف ذلك بالله ، وفيه دلالة إثبات [رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم](٩).
والثاني : (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) أي : بمسلط عليكم ، إنما أبلغ إليكم ، كقوله : (ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ).
__________________
(١) في أ : يقبض.
(٢) في أ : أشياءهم.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في أ.
(٥) قاله ابن عباس كما في تفسير البغوي (٢ / ٣٩٨).
(٦) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير (١٨٤٩١ ـ ١٨٤٩٦) ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عنه كما في الدر المنثور (٣ / ٦٢٦).
(٧) أخرجه أبو الشيخ كما في الدر المنثور (٣ / ٦٢٧).
(٨) في ب : بخسكم.
(٩) في أ : رسالته.