وقوله ـ عزوجل ـ : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) في العاقبة وعيد من يأتيه عذاب يخزيه ، أو سوف تعلمون في العاقبة من يأتيه منا عذاب يخزيه نحن أو أنتم ومن هو كاذب ، وتعلمون ـ [أيضا ـ في العاقبة](١) من الكاذب منا نحن أو أنتم ؛ لأن كل واحد من الفريقين يدعي على الفريق الآخر الكذب والافتراء على الله ، فيقول : سوف تعلمون في العاقبة [من](٢) الكاذب منّا والمفتري على الله ، والصادق عليه (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) أي : ارتقبوا هلاكي ، وأنا أرتقب هلاككم ، أو ارتقبوا لمن العاقبة منا لنا أو لكم إني معكم رقيب ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) هذا قد ذكرناه فيما تقدم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) قيل : الصيحة صيحة جبريل (٣) ؛ أي : هلكوا بصيحته.
وقال بعضهم : الصيحة : اسم كل عذاب ، وكذلك الرجفة ؛ سمي العذاب بأسماء مختلفة : مرة صاعقة ، ومرة صيحة ، ومرة رجفة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ* كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) هذا ـ أيضا ـ قد ذكرناه فيما تقدم.
قال بعض أهل التأويل : قوله : (أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ) في الهلاك (٤)(كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) : كما أهلكت ثمود ؛ لأن كل واحد منهما هلك بالصيحة فمن ثم اختص ذكر ثمود من بين الأمم.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : لم يعذب بعذاب واحد إلا قوم شعيب وصالح ؛ فأمّا قوم صالح فأخذتهم الصيحة من تحتهم ، وقوم شعيب من فوقهم.
قال : فنشأت لهم سحابة فيها عذابهم ، فلم يعلموا كهيئة الظلة فيها ريح ، فلما رأوها أتوها يستظلون تحتها من حر الشمس ، فسال عليهم العذاب من فوقهم ، فذلك قوله : (فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ).
وقوله : (أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ) من رحمة الله (كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) من رحمته.
ويحتمل الهلاك الذي ذكرناه ، والله أعلم.
__________________
(١) في ب : في العاقبة أيضا.
(٢) سقط في ب.
(٣) ذكره ابن جرير (٧ / ١٠٧) ، والبغوي (٢ / ٤٠٠) ، والرازى (١٨ / ٤٢).
(٤) انظر تفسير البغوي (٢ / ٤٠٠).