أو حرمة رهطي عندكم وحقهم أعظم من حق الله وحرمته ، وقد تعلمون إحسانه إليكم وإنعامه عليكم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) قال بعضهم : [قوله](١) : (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) أي : حملتموه على ظهركم وحملهم إياه على ظهرهم إسخاطهم إياه ، قال : تقول : العرب : فلان حمل الناس على ظهره : أي : أسخطهم على نفسه. ولكن لا ندري أيقال هذا أم لا.
فإن قيل هذا فهو يحتمل ما قال ، وهو قول أبي بكر الأصم.
وقال غيره من أهل التأويل : قوله : (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) أي : نبذتم الله وراء ظهركم (٢) ، أي : نبذتم حق الله وأمره وكتابه الذي أنزله إليكم وراء ظهركم ، لا تعملون به ، ولا تكترثون إليه ، هو كالمنبوذ وراء ظهركم ؛ هذا على التمثيل أي : جعلوا أمر الله ودينه الذي دعوا إليه كالمنبوذ وراء ظهرهم ، لا يعملون به ولا ينظرون إليه ، ولا يكترثون وهو ما ذكر في قوله : (نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ) [الأنفال : ٤٨] وقوله : (انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) [آل عمران : ١٤٤] على التمثيل ، أي : الذي أنتم عليه في القبح كالانقلاب على الأعقاب (إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) هذا يخرج على وجهين ـ أيضا ـ :
أي : إن ربي بما تعملون من الأعمال الخبيثة محيط فيجزيكم بها ، أو يقول : إن ربي بما تعملون من الكيد برسول الله والمكر به محيط فينصره عليكم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ) هذا يخرج على وجهين :
أحدهما : أن كونوا على دينكم الذي أنتم عليه ، وأنا أكون على ديني ؛ كقوله : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) [الكافرون : ٦] لأن قوم شعيب قالوا لشعيب : (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) فقال لهم [هذا] عند ذلك ، وهذا إنما يقال عند الإياس (٣) عن إيمانهم ، كقوله : (لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) [الشورى : ١٥] وأمثاله.
والثاني : قوله : (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ) أي اعملوا في كيدي ، والمكر في هلاكي ، إني عامل ذلك بكم ، وهو كما قال غيره من الرسل : (فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) [هود : ٥٥] وقوله : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) [الأعراف : ٧١] ونحوه.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) انظر تفسير البغوي (٢ / ٣٩٩) والرازي (١٨ / ٤١).
(٣) في أ : الأيس.