والثاني : لست أنت بذي قوة وبطش في نفسك ، وقد ذكر أنه كان ضعيفا في بصره ونفسه.
ويحتمل وصفهم بالضعف لهذين الوجهين ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ لا رَهْطُكَ) أي : قبيلتك.
وقيل : عشيرتك (١)(لَرَجَمْناكَ) الرجم : يحتمل : القتل ، ويحتمل : اللعن والشتم.
ثم يحتمل قوله : (وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) وجهين :
أحدهما : (وَلَوْ لا رَهْطُكَ) أي : لو لا حرمة رهطك وإلا لرجمناك ؛ كأنهم كانوا يحترمونه (٢) لموافقة رهطه إياهم في العبادة أعني عبادة الأوثان ، وعلى ما هم عليه.
والثاني : لو لا رهطك لرجمناك خوفا منهم لما ذكر أنه كان كثير العشيرة ، والقبيلة ؛ كانوا يخافون عشيرته فلم يؤذوه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) أي : ما أنت من أجلتنا وكبرائنا ، إنما أنت من أوساطنا أو (وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) أي : ما أنت من أجلتنا ؛ لأن العزيز عندهم من كان عنده المال والدنيا ، لا يعرفون [العز في غير](٣) ذلك ، ولم يكن عند شعيب الدنيا لذلك نسبوه إلى ما ذكر :
أو أنت ذليل عندنا ، لست بعزيز ، فيكون صلة قوله : (وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ) هذا يخرج على وجهين : يحتمل يا قوم ، أرهطي أعظم حقّا عليكم من الله وأكثر حرمة حتى تركتم ما أوعدتمونى من النقمة لحقهم وحرمتهم؟!
والثاني : قوله : (يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ) أي : رهطي أشد خوفا عليكم وأكثر نكاية من الله ؛ لأنا قلنا في قوله : (وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) أنه يخرج على وجهين :
أحدهما : الاحترام لرهطه لموافقتهم إياهم في جميع ما هم عليه ، والمساعدة لهم.
والثاني : على الخوف والنكاية لقوتهم ، وكثرتهم ، وفضل بطشهم تركوا ما وعدوا له خوفا من رهطه ، فقال : خوفكم من رهطي أشد وأكثر عليكم من الخوف من الله ، وقد بلغكم من نكاية الله ونقمته فيما حل بالأمم الماضية.
__________________
(١) ذكره ابن جرير (٧ / ١٠٤) والبغوي (٢ / ٣٩٩).
(٢) في ب : يحترمون.
(٣) في أ : العزيز بغير.