باعوا حرّا ، وبيع الحر حرام ، وأخذوا ثمنه ظلما حراما ؛ لأن ثمن الحرّ حرام.
وقال بعضهم : (بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ) أي : دراهم مبهرجة وزيف.
(وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ).
أي : كانت السيارة في يوسف من الزاهدين ؛ حيث باعوه بثمن الدون والنقصان بما لا يباع مثله بمثل ذلك الثمن ؛ خشية أن يجيئهم طالب ؛ لما علموا أن مثل هذا لو كان مملوكا لا يترك هكذا لا يطلب ، فباعوه بأدنى ثمن يكون لهم ، لا كما يبيع الرجل ملكه على رغبة منه ؛ خشية الطلب والاستنقاذ من أيديهم.
وقال عامة أهل التأويل : قوله : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ) : إن إخوة يوسف هم الذين باعوه من السيارة (١)(بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) ، أي : لم يعرفوا منزلته ومكانه.
والأول أشبه.
وقوله : (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ).
أي : كانوا في شرائه من الزاهدين ؛ لما (٢) خافوا ذهاب الثمن إن كان مسروقا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ).
أي : مقامه ومنزلته.
(عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً).
إن صدق التجار أنه بضاعة عندهم. (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً).
إن ظهر أنه مسروق ، وأنه حر ؛ لما وقع عندهم أن البضاعة لا تباع بمثل ذلك الثمن الذي باعوه.
[وقوله](٣) : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) تأويله ـ والله أعلم ـ : كما مكنا ليوسف عند العزيز وامرأته كذلك نمكنك عند أهل الأرض ، ولكن ذكر (مَكَّنَّا) على الخبر ؛ لأنه كان ممكنا في ذلك اليوم عند العزيز والملك.
ويشبه أن يكون قوله : (مَكَّنَّا) ، أي : كذلك جعلنا ليوسف مكانا ومنزلة عند الناس ، وفي قلوبهم مكان ما خذله إخوته ، ولم يعرفوا مكانه ومنزلته وبعد ما كان شبه المملوك عند أولئك ، والله أعلم.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٧ / ١٦٦) (١٨٩٠٨) عن ابن عباس ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٨) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ عن ابن عباس.
(٢) في أ : أى.
(٣) سقط في ب.