ويشبه أن يكون قوله : (هَيْتَ لَكَ) : ها أنا لك.
(قالَ مَعاذَ اللهِ).
أي : أعوذ بالله وألجأ إليه.
(إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ).
قال أهل التأويل : (رَبِّي) أي : سيدي الذي اشتراه (١)(أَحْسَنَ مَثْوايَ) أي : أكرم مقامى ومكاني ؛ دليله : قوله لزوجته : (أَكْرِمِي مَثْواهُ) ، هذا يدل أن قوله : (أَكْرِمِي مَثْواهُ) أي : أحسني مثواه ، ولكن يشبه أن يكون أراد بقوله : (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) ربّه الذي خلقه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) بظلمهم وقت ظلمهم ، والمثوى : الموضع الذي يثوى فيه ، والثواء (٢) : المقام ، والثاوى : المقيم ، و (مَعاذَ اللهِ) قيل : أعوذ بالله (٣) ، وألجأ إليه ، وأتحصن به.
أو : لا يفلح الظالمون : إذا ختموا (٤) بالظلم ، وأما إذا انقلعوا عنه فقد أفلحوا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ).
أما ما قاله أهل التأويل إنها استلقت له (وَهَمَّ بِها) أي : حل سراويله (٥) ، وأمثال هذا من الخرافات ؛ فهذا كله مما لا يحل أن يقال فيه شيء من ذلك ، والدلالة على فساد ذلك من وجوه :
__________________
ـ ياء إذا انكسر ما قبلها ، نحو : «بير» و «ذيب» ، ولا يقلبون الياء المكسور ما قبلها همزة ، نحو : ميل ، وديك ، وأيضا : فإن غيره جعل الياء الصريحة مع كسر الهاء ـ كقراءة نافع ، وابن ذكوان ـ محتملة لأن تكون بدلا من الهمزة ، قالوا : فيعود الكلام فيها كالكلام في قراءة هشام.
واعلم أن القراءة التي استشكلها الفارسي هي المشهورة عن هشام ، وأما ضم التاء فغير مشهور عنه.
ينظر : البغوي في تفسيره (٢ / ٤١٧) ، الحجة (٤ / ٤١٦) وإعراب القراءات السبع (١ / ٣٠٧) وحجة القراءات ص (٣٥٨) والإتحاف (٢ / ١٤٣ ـ ١٤٤) والمحرر الوجيز (٣ / ٢٣٢) والبحر المحيط (٥ / ٢٩٤) والدر المصون (٤ / ١٦٧). واللباب (١١ / ٥٤ ـ ٥٦).
(١) أخرجه ابن جرير (٧ / ١٨٥) عن كل من : السدى (١٩٠١٢ ، ١٩٠١٣) ، ومجاهد (١٩٠١٤ ، ١٩٠١٥ ، ١٩٠١٧) ، وابن إسحاق (١٩٠١٨).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٢) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٢) في أ : والمثوى.
(٣) ذكره البغوي (٢ / ٤١٨) ، وكذا الرازي (١٨ / ٩١).
(٤) في أ : اجتمعوا.
(٥) أخرجه ابن جرير (٧ / ١٨٢) عن كل من : ابن عباس (١٩٠٣٢).