وقال بعضهم : مثل له يعقوب وصور له ، فرآه (١) عاضّا على إصبعه (٢).
وقال بعضهم : رأى برهان ربه.
[و] قال بعضهم : رأى آية من كتاب الله : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً ...) الآية (٣) [الإسراء : ٣٢].
هذا كله لا يدرى.
وأصل البرهان : الحجة ؛ أي : لو لا ما رأى من حجة الله ، وإلا كان يهمّ بها ، ولكن لا ندري ما تلك الحجّة ، والله أعلم بذلك.
والبرهان : هو الحجة والآية ؛ لو لا أن رأى حجة ربه ، وبرهان ربه وآياته ، أو الرسالة ، ويشبه الحجّة أي : النبوة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاسْتَبَقَا الْبابَ).
قال بعضهم : استبقا الباب : استبقت هي لتغلق الأبواب (٤) ، واستبق هو ليخرج ويفر.
لكن قوله : لتغلق الباب ، لا يحتمل ؛ لأن الأبواب كانت مغلقة بقوله : (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) ، ولكن استبقت هي لتحبسه وتمنعه ، واستبق هو ليخرج ويهرب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ).
لما جرته لتحبسه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ).
أي : وجدا سيدها ؛ هذا يدل أن قوله : (رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) لم يرد به العزيز الذي اشتراه ، ولكن العزيز الذي خلقه ؛ لأنه قال : (سَيِّدَها) ، ولم يقل : سيدهما.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
هذا يدل أن الإرادة تكون مع الفعل ؛ لأنها كانت لا تعلم إرادة ضميره ، فإذا أخبرت عما عرفت من الميل وإظهار الفعل ، وكذلك قول إخوة يوسف : (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا) ، وكانوا هم لا يعرفون ما في ضميره من الحبّ سوى ما ظهر لهم منه من الميل
__________________
(١) في ب : فرأى.
(٢) أخرجه ابن جرير (٧ / ١٨٤ ـ ١٨٥) عن كل من : ابن عباس (١٩٠٤٣ ، ١٩٠٤٤ ، ١٩٠٥٢ ، ١٩٠٥٣ ، ١٩٠٥٦) ، وابن أبي مليكة (١٩٠٤٦) ، وسعيد بن جبير (١٩٠٥٤ ، ١٩٠٥٥).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٣) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ ، والحاكم وصححه عن ابن عباس ، ولابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن عكرمة وسعيد بن جبير ، ولابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن الحسن البصري.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ١٨٨) (١٩٠٩٤ ، ١٩٠٩٨) عن محمد بن كعب القرظي ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٤) وزاد نسبته لابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي.
(٤) في أ : الباب.