(وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَ) [ومثل هذا قد يكون في الكلام.
وجائز أن يكون قوله : (اخْرُجْ عَلَيْهِنَ)](١) أي : عنهن ، وذلك جائز في اللغة : (على) مكان (عن) كقوله : (إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ) [المطففين : ٢] ، أي : عن الناس ، وأمثاله كثير.
وفي هذه الآية دلالة أن مشتري يوسف كان يمنع يوسف عن أن يخرج إلى البلد والسوق ، ومن أن تخالطه الناس : إما إشفاقا على نفسه ، أو لئلا يفتن به النساء ، أو لئلا يطلع على نفس يوسف ؛ لما وقع عنده أنه مسروق ، فكيفما كان ففيه : أن [على المرء أن](٢) يحفظ ولده أو عبده إشفاقا عليه.
وقوله : (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ).
أي : أكبرنه وأعظمنه من حسنه أن يكون مثل هذا بشرا ؛ ألا ترى أنهن قلن : (حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).
وقوله : (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) ؛ قيل : حزّا بالسّكّين (٣).
قوله ـ عزوجل ـ : (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).
(حاشَ لِلَّهِ) : قال أهل التأويل : أي : معاذ الله (٤).
وقال بعضهم : (حاشَ لِلَّهِ) : كلمة تنزيه من القبيح ، ودلّ هذا القول منهن أنهن كنّ يؤمنّ بالله ؛ حيث قلن : (حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).
قوله : (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).
كان الملك وإن لم يرونه حسنا عندهم ، ينسبون كل حسن إلى الملائكة ، والشيطان ـ لعنه الله ـ عندهم قبيح ؛ فنسبوا كل قبيح إليه.
وقوله : (بَشَراً).
قرأه بعضهم : بشرى بالتنوين ، أي : ما هذا بمشترى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ).
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : المرء على أن.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٠٣ ، ٢٠٤) (١٩٢٢٠ ، ١٩٢٢١ ، ١٩٢٢٢) عن مجاهد.
وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٢٩) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٤) أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٠٦) (١٩٢٤٢ ، ١٩٢٤٥ ، ١٩٢٤٧) عن مجاهد ، (١٩٢٤٦) عن الحسن.
وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٢٩) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.