كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٣٨) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٤٠) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ (٤١) وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ)(٤٢)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ).
قيل : عبدين للملك ؛ غضب عليهما الملك (١).
(قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً).
وقال بعضهم : أرض يدعى العنب بها خمرا ، أو سمي خمرا باسم سببه وباسم أصله ، [وجائز في اللغة تسمية الشيء باسم سببه وباسم أصله](٢).
(وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً).
كان أحدهما خبازا للملك ، والآخر ساقيه.
(نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
قال بعضهم : إحسانه في السجن ؛ لما كانوا رأوه يداوي المرضي ، ويعزّي حزينهم ، ويجتهد في نفسه في العبادة لربّه (٣). هذا يحتمل لعله كان يبرّ أهل السجن ويصلهم ، ويجتهد في العبادة لله في الصلاة له والصوم ، وأنواع العبادة التي تكون فيما بينه وبين ربه ، فسمياه محسنا لذلك.
ويشبه أن يكون قالوا : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) لما رأوا به سيما الخير وآثاره ، أو يدعوهم إلى توحيد الله والعبادة له ، وخلعهم عن عبادة الأصنام والأوثان والانتزاع من ذلك ، فسمياه محسنا لذلك.
__________________
(١) أخرجه بمثله ابن جرير (٧ / ٢١٢) (١٩٢٧٣) عن ابن إسحاق ، (١٩٢٧٤) عن قتادة.
وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٣٣) وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن عباس بمثله ، ولابن جرير عن قتادة.
(٢) سقط في ب.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٢١٤) (١٩٢٨٦ ، ١٩٢٨٧ ، ١٩٢٨٩) عن الضحاك ، (١٩٢٨٨) عن قتادة ، وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٣٣) وزاد نسبته لأبي الشيخ عن قتادة ، ولسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في الشعب عن الضحاك.