ليقوم بذلك كله ، وعلى يديه يجري.
ولذلك قال : (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
قال بعضهم : حفيظ لما (١) وليت عليم بأمره (٢).
وقيل : حفيظ أي : حاسب ، عليم : أي بالألسن كلها. وقيل : حفيظ لما في الأرض من غلة ؛ عالم بها. وعن ابن عباس رضي الله عنه : حفيظ لما تحت يدي ، عليم بالناس. وقيل : حفيظ بصير بتقديره عالم بساعات الجوع حين يقع (٣) ، إني حفيظ لما استحفظت عليم بحوائج الناس ، أو عليم بتقديم الأحق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ).
يقول ـ والله أعلم ـ : كما برأنا يوسف مما قرف به ، وأظهرنا براءته منه ؛ مكناه (٤) في الأرض حتى احتاج أهل نواحي مصر وأهل الآفاق إليه.
أو أن يقال : كما حفظناه وأنجيناه ؛ مما قصد به إخوته من الهلاك ؛ نمكن له في الأرض. وجائز أن يكون قوله : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ) جوابه : كما مكنا ليوسف في الأرض بعد ما أخرج من عليه الإيواء (٥) والضم ، كذلك نمكنك في الأرض ونؤوي ؛ بعد ما أخرجك من عليه إيواؤك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ).
أي : ينزل منها حيث يشاء ، أو يسكن منها حيث يشاء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ).
يحتمل قوله : (بِرَحْمَتِنا) سعة الدنيا ونعيمها ؛ كقوله : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها) [فاطر : ٢].
ويحتمل (بِرَحْمَتِنا) : أمر الدين من النبوة والعصمة ، وهو على المعتزلة ؛ لأنهم يقولون : ليس لله أن يختص أحدا برحمته (٦) ولا يصيب من رحمته إنسانا دون إنسان ، وعلى قولهم لم يكن من الله إلى رسول من الرحمة إلا وكان إلى إبليس مثله.
__________________
(١) في ب : بما.
(٢) أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٤١) (١٩٤٦٣) عن قتادة ، وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٤٥) وزاد نسبته لابن أبي حاتم عن قتادة.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٤١) (١٩٤٦٤) عن شيبة الضبي ، وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٤٥) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن شيبة بن نعامة الضبي.
(٤) في ب : ملكناه.
(٥) في أ : الإبراء.
(٦) في ب : بالرحمة.