رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) (٨٧)
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ)(١).
قيل : أيسوا عن أن يردّ إليهم أخوهم.
(خَلَصُوا نَجِيًّا).
قيل : خلوا من الناس وخلصوا منهم ؛ يتناجون فيما بينهم في أمر أخيهم ، أو في الانصراف إلى أبيهم ، أو في المقام فيه (٢).
(قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا).
قال أهل التأويل : كبيرهم في العقل ليس في السن ؛ وهو فلان (٣).
قال بعضهم : وهو يهوذا (٤) ، وقال بعضهم : هو شمعون. ولكن لا نعلم من كان قائل هذا لهم ، ولا نحتاج إلى معرفة ذلك ؛ سوى أن فيه : (قالَ كَبِيرُهُمْ) إمّا أن كان كبيرهم في العقل ؛ أو كبيرهم في السن.
(أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ) (ألم تعلموا) و (ألم تروا) حرفان يستعملان في أحد أمرين : في الأمر ؛ أن اعلموا ذلك ، أو في موضع التنبيه والتقرير (٥) ؛ وهاهنا كأنه قال ذلك على التقرير والتنبيه ؛ أي : قد علمتم (أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ).
هذا يدل أن التأويل في قوله : (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) [يوسف : ٦٦] هو إلا أن يعمكم أمر ويجمعكم ؛ فتهلكون فيه جميعا ، وليس كما قال بعض أهل التأويل : إلا أن يجيء ما يمنعكم عن ردّه ؛ أي : إلا أن تغلبوا فتعجزوا عن ردّه ؛ لأنه قد جاء ما يمنعهم عن ردّه ، ثم أبي أكبرهم الرجوع إلى أبيه ؛ دل أن التأويل هو هذا ، ومن يقول : إن التأويل في قوله : (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) [يوسف : ٦٦] إلا أن يجيء ما يمنعكم عن الردّ ؛ استدل بقوله : (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) ؛ فلو كان على ما يعمهم ويجمعهم ، لم يكن ليأمرهم بالرجوع إلى أبيهم ؛ دل أنه ما ذكر.
__________________
(١) أخرجه بمعناه ابن جرير (٧ / ٢٦٨) (١٩٦٢٢) عن أبي إسحاق ، وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٥٤) وعزاه لابن جرير عن ابن إسحاق ، وكذا البغوي في تفسيره (٢ / ٤٤٢).
(٢) أخرجه ابن جرير بمعناه (٧ / ٢٦٩) عن كل من : السدي (١٩٦٢٣) ، وقتادة (١٩٦٢٤) ، وابن إسحاق (١٩٦٢٥).
وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٥٥) وزاد نسبته لابن أبي حاتم بمثله عن قتادة.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٦٩ ، ٢٧٠) (١٩٦٢٦ ، ١٩٦٢٨) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٥٤ ، ٥٥) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٤) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٤٤٢) ونسبه لابن عباس والكلبي.
(٥) في أ : والتقريب.