قيل : يا حزنا على يوسف (١) ، وقيل يا جزعا (٢).
وقال القتبي (٣) : الأسف أشد الحسرة ؛ وأصله : أن الأسف كأنه النهاية في الحزن : أن الحزين إذا بلغ غايته ونهايته ؛ يقال : أسف. وهو النهاية في الغضب أيضا.
كقوله : (فَلَمَّا آسَفُونا) أي : لما أغضبونا (انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) [الزخرف : ٥٥] وقوله تعالى : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) [الأعراف : ١٥٠].
وقوله : (يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ).
يحتمل أن يكون لا على إظهار القول باللسان ؛ ولكن إخبار عما في ضميره ، وذلك جائز ؛ كقوله : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) [الإنسان : ٩] أخبر عما في قلوبهم ؛ لا أن قالوا ذلك باللسان. ويحتمل القول به على غير قصد منه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَهُوَ كَظِيمٌ).
الكظم : هو كف النفس عن الجزع ؛ وترديد الحزن في الجوف على غير إظهار في أفعاله ، والجزع هو ما يظهر في أفعاله ؛ والذى يهيج الحزن هو الذي يهيج الغضب ، إلا أن الحزن يكون على من (٤) فوقه ؛ والغضب على من تحت يده ، وسبب هيجانهما واحد ، أو أن يكون الكظيم : هو الذي يمسك الحزن في قلبه والغم ، كأنه هو الذي يستر ويغطى القلب ؛ إذا حل به ، والهم : هو ما يبعث على القصد من الهم به. والحزن : هو على ما يؤثر التغيير في الخلقة ؛ ولا يظهر في الأفعال [والجزع يظهر في الأفعال](٥) ولا يغير الخلقة عن حالها ، لذلك عمل في ضعف نفس يعقوب ، وعمل في إهلاك بعضه ، حيث ذهبت عيناه وابيضت من الحزن ، والكظيم : ما ذكرنا ؛ هو الذي يردد الحزن في جوفه ولا يظهر ويكفه عن الجزع.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا تَاللهِ).
هو يمينهم مكان : والله أو بالله ، وكذلك قال إبراهيم : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) [الأنبياء : ٥٧].
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٧٤ ، ٢٧٥) عن كل من : ابن عباس (١٩٦٥٢) ، ومجاهد (١٩٦٥٣) ، وقتادة (١٩٦٥٧ ، ١٩٦٥٨ ، ١٩٦٥٩) ، والضحاك (١٩٦٦١ ، ١٩٦٦٢ ، ١٩٦٦٣).
وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٥٦) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس ، ولابن أبي شيبة وابن المنذر عن قتادة.
(٢) أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٧٤) (١٩٦٥٤ ، ١٩٦٥٥) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٥٦) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٣) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٢١).
(٤) في ب : ما.
(٥) سقط في أ.