ثمنه ؛ ولا تحل له الصدقة.
ويحتمل أن يكون قوله : (مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) بذهاب بصر أبيهم ؛ مسهم بذلك وأهلهم الضر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا).
أى ردّ علينا بنيامين ؛ لعل الله يرد بصره عليه.
(إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ).
قال أهل التأويل : إن الله يجزي المتصدقين إن كانوا على دين الإسلام ؛ كأنهم ظنوا أنه ليس على دين الإسلام ؛ ولو أنهم ظنوا أنه مسلم ؛ لقالوا : إن الله يجزيك بالصدقة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ).
هو ظاهر لا يحتاج إلى ذكره وأما ما فعلوه بأخيه : قال أهل التأويل : هو ما قالوا إنه سرق ؛ لكنهم لم يقولوا إلا قدر ما ظهر عندهم ؛ فلم يلحقهم بذلك القول فضل تعيير ؛ لكن يشبه أن يكونوا آذوه بأنواع الأذى ، ولا شك أنهم كانوا يبغضون يوسف وأخاه ؛ حيث قالوا : (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا) [يوسف : ٨].
وقوله : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ).
قد كانوا علموا هم ما فعلوا بيوسف لكنه [كأنه](١) قال : هل تذكرون ما فعلتم بيوسف ؛ أو أنتم جاهلون ذلك ؛ ناسون؟ يقول لهم : اذكروا ما فعلتم بيوسف ، وتوبوا إلى الله عن ذلك ، ولا تكونوا جاهلين عن ذلك. أو يقول لهم : هل رجعتم وتبتم عن ذلك؟ ، أو أنتم بعد فيه؟.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ).
قال بعض أهل التأويل : (إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) أي : مذنبون (٢) ؛ ولكن إذ أنتم جاهلون قدر يوسف ومنزلته ، لأنهم لو علموا ما قدر يوسف عند الله ؛ وما منزلته ما قالوا : (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا) [يوسف : ٨] وما خطئوا أباهم في حبّه إياه حيث قالوا : (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [يوسف : ٨] ، وما فعلوا به ما فعلوا. والله أعلم.
(قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ).
كأنهم عرفوا أنه يوسف ؛ بقول يوسف لهم : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) [أو عرفوا بقول أبيهم ؛ حيث قال : (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ)](٣) لما ذكر أخاه
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٤٤٧) ، وكذا أبو حيان في البحر (٥ / ٣٣٧) ونسبه لمقاتل.
(٣) سقط في ب.