ورأوه معه عرفوا أنه يوسف ؛ لذلك قالوا. والله أعلم.
(قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ).
يحتمل : من يتّق معاصيه ، ويصبر على بلاياه. أو اتقى مناهيه ؛ وصبر على أداء ما أمر به. أو من اتقى وصبر ؛ فقد أحسن. أو يقول : إنه من يتق الجفاء ؛ ويصبر على البلاء ؛ فقد أحسن.
(فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
ويشبه أن يكون قوله : (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا).
أي ردّ أخانا علينا ، وهو ما ذكرنا. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا).
(تَاللهِ) قسم قد اعتادوه في فحوى كلامهم ؛ على غير إرادة يمين بذلك ؛ هكذا عادة العرب ؛ وإلا كان يعلم يوسف أن الله قد آثره عليهم.
ويشبه أن يكون يخرج القسم هاهنا على تأكيد معرفتهم فضله ومنزلته ؛ أي : لم تزل كنت مؤثرا مفضّلا علينا.
(وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ).
أي : وقد كنا خاطئين ؛ فيما كان منا إليك من الصنيع.
أو أن يكون قوله : (لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) ؛ فيما قالوا : (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا) [يوسف : ٨] أي لما كان يؤثرهما عليهم ؛ فقالوا : كنت مؤثرا على ما كان أبونا يؤثرك علينا وقد كنا (لَخاطِئِينَ) ؛ فقال يوسف.
(لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ).
قال القتبي (١) : قوله : (لا تَثْرِيبَ) : أي لا تعيير عليكم بعد هذا اليوم ؛ بما (٢) صنعتم.
وقال بعضهم : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ) أي : لا تنغيث عليكم. وقيل : أصل التثريب : الإفساد ؛ يقال : ثرب علينا الأمر : أي أفسده.
وقال أبو عوسجة : التثريب : الملامة ؛ يقول : لا لوم عليكم في صنيعكم.
وقال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : لا تثريب عليكم : أي لا أعيّركم بعد هذا اليوم أبدا ؛ ولا أعيره عليكم (٣).
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٢٢).
(٢) في ب : مما.
(٣) أخرجه ابن جرير بمثله (٧ / ٢٩٢) (١٩٨٠٢) عن عبد الله بن الزبير ، وذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٤٤٧ ـ ٤٤٨).