[البقرة : ١٨٦] أي : ليجيبوا لى ، وقوله : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ) فإن كان على طلب الفعل ؛ فهو ما سألوا [رسول الله العذاب](١) كقوله : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) [المعارج : ١] وكقوله : (وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) [ص : ١٦] وقولهم : (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ...) الآية [الأنفال : ٣٢] فبدءوا بسؤالهم [الهلاك قبل سؤالهم](٢) تأخير العذاب (٣) وإمهاله ، [وتأخير العذاب عندهم وإمهاله](٤) من الحسنة ؛ فاستعجلوا بهذا قبل هذا.
وإن كان الفعل نفسه.
فقوله : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ) أي : عجلوك ـ يا محمد ـ بالسيئة إليك ، قبل أن تكون منهم إليك حسنة ؛ حيث كذبوك في الرسالة ، وآذوك في نفسك ، ولم يكن منهم إليك إحسان من قبل والله أعلم بذلك.
وقيل : (بِالسَّيِّئَةِ) : العذاب ؛ على ما ذكرنا.
(قَبْلَ الْحَسَنَةِ).
أي : قبل العفو ، وسؤالهم السيئة والعذاب بجهل (٥) منهم أنه رسول وأنه صادق ؛ [لأنهم لو علموا أنه رسول ، وأنه صادق](٦) فيما يخبر ويوعد من العذاب ، كانوا لا يسألون ؛ لأنهم يعلمون أن الله يقدر على أن ينزل عليهم العذاب ، لكن سألوا ذلك ؛ بجهلهم بأنه رسول سؤال استهزاء وسخرية.
فإن كان على هذا سؤالهم ـ كان فيه دلالة أن العقوبة والعذاب ؛ قد يلزم من جهل الأمر ؛ إذا كان بسبيل العلم به والنظر والتفكر فيه ، وهؤلاء جهلوا أنه رسول الله ؛ لتركهم النظر والتفكر. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ).
قال بعضهم (٧) : العقوبات ؛ أي : قد كان في الأمم الخالية العقوبات ؛ بسؤالهم العذاب
__________________
(١) في ب : العذاب رسوله.
(٢) في أ : بتأخيره وإمهاله.
(٣) زاد في أ : عندهم.
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : يجعل.
(٦) سقط في أ.
(٧) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٠١٣٠ ، ٢٠١٣١) وعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٨٦).