وقوله : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : قوله : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ) خطأ من الكاتب ، إنما هو (أفلم يتبين للذين آمنوا أن لو يشاء الله) فمعناه : أي : قد تبين للذين آمنوا (١).
وقال بعضهم : [قوله](٢) : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ) أي : أفلم يعلم الذين آمنوا ، أي : قد علم الذين آمنوا ، لو شاء الله إيمان الناس واهتداءهم لآمنوا واهتدوا.
وقال صاحب هذا التأويل : إن [هذا](٣) جائز في اللغة : ييئس : يعلم ، وذكر أنها لغة «نخع» وغيرها. والله أعلم.
وقال بعضهم قوله : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) مقطوع من قوله (أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ ...) الآية ، وهو موصول بما تقدم من قوله : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) [الرعد : ٧] ثم قال جوابا لما قالوا ؛ كأنه قال : لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولكن يضل من يشاء ويهدى من يشاء ، أي : علم منه أنه يختار [الضلال](٤) ويؤثره ؛ يشاء ذلك له ، ومن علم منه أنه يختار الهدى يشاء ذلك له ، ويكون قوله : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) مقطوع لا جواب له ، كأنه قال : أفلم ييئس الذين آمنوا عن إيمانهم لكثرة ما رأوا منهم من العناد والتعنت بعد رؤيتهم الآيات والحجج ، كأن أهل الإيمان والإسلام سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم الآيات التي سألوا هم ؛ رغبة في إسلامهم ؛ وإشفاقا عليهم ؛ فيقول ـ والله أعلم ـ : ألم يأن للذين آمنوا الإياس من إيمانهم ؛ أي : قد أنى للذين آمنوا أن ييئسوا من [إيمانهم ؛ كقوله : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ ...) الآية [الأنعام : ١١١] فعلى ذلك هذا يقول : قد أنى للذين آمنوا أن ييئسوا من إيمانهم](٥) ، ولو شاء (٦) الله لهدى الناس جميعا ؛ وقوله : (أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) صلته قوله : (وهم يكفرون بالرحمن أن لو يشاء الله
__________________
(١) ثبت في حاشية ب : أقر المصنف ـ رحمهالله ـ ما نقله عن عائشة على ما هو عليه ، وقد قال في سورة النساء في تأويل قوله تعالى : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ...) الآية بعد ما ذكر عن عائشة أنها قالت : (ثلاث آيات وقع فيها الخطأ من الكاتب إحداها : الآية المذكورة : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ...) الآية إلى قوله : (وَالْمُقِيمِينَ) والصحيح المقيمون. والثانية : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) والثالثة في المائدة : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ) : الحديث لا يصح عن عائشة ؛ لأنه لا يظن من الصحابة أن يقفوا على لحن في المصحف من الكاتب ويتركوه مع أنهم كانوا موصوفين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، انتهى المقصود منه فينبغي أن يذكر ذلك هاهنا ، والله أعلم. كاتبه.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : يشاء.