وألوهيته ، يخبر عن شدة تعنتهم وتمردهم في تكذيبهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ [ليعلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم](١) أن سؤالهم الآية سؤال تعنت وتمرد ؛ ليس سؤال استرشاد واستهداء.
وقال بعضهم : قوله : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ).
أي : لو أن قرآنا ما عمل [ما](٢) ذكر لكان هذا القرآن ؛ تعظيما لهذا القرآن.
والتأويل الذي ذكرنا قبل هذا كأنه أقرب. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا).
قال بعضهم : هو صلة ما تقدم ؛ من قوله : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ ...) الآية ، يقول ـ والله أعلم ـ : أفلم ييئس الذين آمنوا عن إيمان من كان على ما وصف الله ، وتمام هذا كأن المؤمنين سألوا لهم الآيات (٣) ، ليؤمنوا ؛ لما سألوا هم آيات من رسول الله ؛ فيقول : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) عن إيمان هؤلاء ؛ وهو كما قال : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها) [الأنعام : ١٠٩] كأن المؤمنين سألوا لهم الآيات ليؤمنوا ؛ فقال : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها) يا أيها المؤمنون (أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام : ١٠٩] أي : يؤمنون على طرح (لا) على هذا التأويل.
وقال بعضهم (٤) : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) : أفلم يتبين (٥) للذين آمنوا أنهم لا يؤمنون ؛ لكثرة ما رأوا منهم (٦) من العناد والمكابرة.
فسروا الإياس بالعلم والأيس ؛ لأن الإياس إذا غلب يعمل عمل العلم ؛ كالخوف والظن ونحوه جعلوه يقينا ، وعلما للغلبة ؛ لأنه إذا غلب يعمل عمل اليقين والعلم.
وقال بعضهم (٧) : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ) : أي : أفلم يعلم (٨) الذين آمنوا أن الله يفعل [ذلك](٩) ، لو شاء لهدى الناس جميعا.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : آيات.
(٤) قاله على بن أبي طالب ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٤٠٧) وعن ابن عباس (٢٠٤٠٨ ، ٢٠٤٠٩ ، ٢٠٤١١) وابن جريج (٢٠٤١٠) ومجاهد (٢٠٤١٣) وغيرهم.
(٥) في أ : تبين.
(٦) في أ : أنهم.
(٧) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٤١٢) وعن قتادة (٢٠٤١٥) وابن زيد (٢٠٤١٦) وانظر : الدر المنثور (٤ / ١١٨).
(٨) في أ : يعمل.
(٩) سقط في أ.