الله تعالى عنكم ، [وكم من كرب نفسه الله تعالى عنكم](١) ، وكم من غمّ (٢) فرجه الله تعالى عنكم ؛ فاللهم ربنا لك الحمد.
وقال قائلون (٣) : أيام الله : وقائعه ؛ أي : ذكّرهم بوقائع الله في الأمم السالفة ؛ كيف أهلكهم لما كذبوا [الرسل](٤).
هذا يحتمل : أن يذكرهم بنعم الله التي كانت على المصدقين بتصديقهم ؛ وهو ما أنجى المصدقين من التعذيب والإهلاك ؛ إهلاك تعذيب.
أو ذكر المكذبين منهم بالوقائع التي كانت على أولئك بالتكذيب ؛ وهو الإهلاك.
ويشبه أن يكون قوله : (بِأَيَّامِ اللهِ) : الأيام المعروفة نفسها ، أمره أن يذكرهم بها ؛ لأن الأيام تأتي بأرزاقهم ؛ وتمضي بأعمالهم وأعمارهم ؛ إن كان خيرا فخير وإن كان شرّا فشر ، وتفني أعمارهم وآجالهم ، وفيما تأتى بأرزاقهم نعمة (٥) من الله عليهم ، وفي ذهاب أعمارهم وآجالهم إظهار سلطان الله وقدرته ، فأمره أن يذكرهم بذلك. والله أعلم.
هذا يشبه أن يكون أمر موسى أن يذكر بني إسرائيل ما كان عليهم من فرعون ؛ من أنواع التعذيب ، ثم الإنجاء من بعد ، يقول ـ والله أعلم ـ ذكّرهم الأيام الماضية وما يتلوها ، وهذا أشبه وأقرب. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) قد ذكرنا أن الصبر : هو كف النفس عن معاصي الله وعن جميع مناهيه ، والشكر : هو الرغبة في طاعته ، أخبر أن فيما ذكر آيات لمن كف نفسه عن المعاصي ؛ ورغب في طاعته ، لا لمن تطاول على الرسل ؛ وتكبر عليهم ؛ وترك إجابتهم ؛ ولم يرغب فيما دعوه إليه ، ليس لأمثال هؤلاء عبرة وآية ولكن لمن ذكرنا.
ويشبه أن يكون الصبار والشكور كناية عن المؤمن لأن كل من (٦) آمن بالله ووحّده ـ اعتقد الكفّ عن جميع معاصيه ، والرغبة في كل طاعته ، وإن كان يقع أحيانا في معصيته (٧) ، فكأنه قال : إن في ذلك لآيات للمؤمنين ، على ما ذكر في غيره من الآيات ؛
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : كرب.
(٣) قاله مقاتل ، كما في تفسير البغوي (٣ / ٢٦).
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : نعم.
(٦) في أ : مؤمن.
(٧) في ب : معصية.