وقوله : (إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) على التأويل الأول : ما ذكرنا ، أي : ما نعطيه إلا بقدر معلوم ؛ وإن خزنه وحبسه. ويحتمل : (إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) أي : بقدر سابق معلوم ، ذلك إن كان على هذا ـ فإنه يدل على أن ما يكون ويحدث ـ إنما يكون لقدر سابق ؛ لا يكون غير ما سبق تقديره.
أو (بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) محدود ؛ أي : ليس ينزل جزافا ، ولكن معلوما محدودا. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ).
قال بعضهم : (لَواقِحَ) : حوامل.
وقال بعضهم : هذا لا يصح ، لو كان على هذا ـ لكان ملاقح وملقحات.
وقال أبو عوسجة : (لَواقِحَ) تلقح الشجر : أي : تنبت ورقها وهي ملقحة ، وقال : يقال : ناقة لاقح : أي : حامل قد حملت ، ونوق لواقح ، ويقال : حرب لاقح : أي : شديدة ، وسحاب لاقح : الذي فيه ماء ـ أي : مطر ـ وريح لاقح : أي : ملقح تلقح الشجر ؛ أي : تنبت ورقه وحمله ، ويقال : ملقح ، ويقال : ألقح الرجل إذا لقحت إبله ؛ أي : حملت ، ورجل ملقح ، واللقوح : الناقة التي معها ولد صغير ، والجمع : لقاح ، وجمع الجمع : لقائح ، واللقح : اللواقح ؛ وهي الحوامل من الإبل.
قال القتبى (١) : قال أبو عبيدة (٢) : (لَواقِحَ) : إنما هي ملاقح ؛ جمع ملقحة ، يريد أنها تلقح الشجر ، وتلقح السحاب ؛ كأنها تنتجه ، واللواقح : المنتجة الثمار من الأشجار ، والسحاب ، وغيره. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ).
هو ما ذكرنا على التأويل في قوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) ، وعلى تأويل الحسن : هو ما ذكر من الماء والمطر.
(وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) : أي : حابسين لما جرى به الذكر ؛ من المطر والماء ؛ الذي ذكر أنه أنزل من السماء. ويحتمل (وَما أَنْتُمْ لَهُ) أي : لله (بِخازِنِينَ) : أي : ليست خزائنه في أيديكم ؛ ولا بيد أحد ، ولكن بيد الله ، عزوجل.
وعلى تأويل الآخر : (وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) : بمدبرين ما خزن في الأرض ودفن.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ).
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٣٧).
(٢) ينظر : مجاز القرآن (١ / ٣٤٨).