[القمر : ٣٤] وهو بعض سحرا كان أو غيره.
(وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ) : أي : سر من ورائهم ، وهكذا الواجب على كل مولى أمر (١) جيش أن يتبع أثرهم ، أو يأمر من يتبع أثرهم ؛ ليلحق بهم من تخلف منهم ، ويحمل المنقطع منهم ؛ وليكون ذلك أحفظ لهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) قال بعضهم (وَلا يَلْتَفِتْ) أي : لا يتخلف منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون.
وقال في آية أخرى : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ) [هود : ٨١].
فإنها [تتخلف عنكم ؛ فيصيبها](٢) ما أصاب أولئك ، هذا يدلّ أن ليس في تقديم الكلام وتأخيره منع ، ولا في تغيير اللسان ولفظه بعد أن يؤدي المعنى خطر ؛ لأن قصة لوط وغيرها من القصص ذكرت وكررت على الزيادة والنقصان ، وعلى اختلاف الألفاظ واللسان ، فدلّ أن اختلاف ذلك لا يوجب تغييرا في المعنى ، ولا بأس بذلك.
وقال بعضهم (٣) : في قوله : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) : أي : لا ينظر أحد وراءه ، فهو ـ والله أعلم ـ لما لعلهم (٤) إذا نظروا وراءهم فرأوا ما حلّ بهم : من تقليب الأرض وإرسالها عليهم ـ لا تحتمل بنيتهم وقلوبهم ؛ فيهلكون أو يصعقون ، ألا ترى أن موسى مع قوته لم يحتمل اندكاك الجبل (٥) ، ولكن صعق ؛ فصار مدهوشا في ذلك الوقت ، فهؤلاء أضعف ، وما حلّ بقومهم أشد فبنيتهم أحرى ألا تتحمل ذلك. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) قوله : (وَقَضَيْنا) قيل : أوحينا إليه ، كقوله : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) [الإسراء : ٤] : أي : أوحينا إليهم ، وقال بعضهم : [قوله](٦) : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ) أي : أنهينا إليه وأعلمناه ، وهو قول الكسائي والقتبي (٧).
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ الْأَمْرَ).
يحتمل قوله : ذلك الأمر هو ما ذكر : أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ، هذا (٨) الذي
__________________
(١) في ب : أمير.
(٢) سقط في أ.
(٣) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير (٢١٢١٩ ، ٢١٢٢٢).
(٤) في ب : لعله.
(٥) في أ : الجبال.
(٦) سقط في أ.
(٧) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٣٨).
(٨) في أ : هو.