أي : إنكم قوم منكرون ؛ لا تعرفون بأهل هذه البلدة ، وإنما قال لهم هذا ؛ لأن قومه إنما يعملون ما يعملون بالغرباء ؛ لا يعملون بأهل البلد ؛ ألا ترى أنهم قالوا له : (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) [الحجر : ٧٠] أن تضيف أحدا منهم. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ).
هذا ليس بجواب لما سبق من قوله : (إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) ، ولكن قالوا [ذلك له](١) والله أعلم بعد ما كان بين [لوط وقومه](٢) مجادلات ومخاصمات من ذلك قوله : (إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ) [الحجر : ٦٨] (وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ) [الحجر : ٦٩] وغير ذلك من المخاصمات.
وقد كان لوط يعدهم العذاب بصنيعهم الذي كانوا يصنعون ؛ ولذلك قالوا له : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [الأحقاف : ٣٢] ؛ فعند ذلك قالوا :
(بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ).
[قال بعضهم (٣) : بما كانوا فيه يشكّون ؛ بما كان يعدهم من العذاب. وقال بعضهم : (بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ)](٤) [أي : بما كانوا](٥) يجادلون وينازعون ، أو يقول : بل جئناك بجزاء ما كانوا يمترون.
ثم امتراؤهم ، يحتمل مجادلتهم إياه ، ويحتمل ما كانوا عليه من الريبة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ).
قال بعضهم : (وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِ) : أي : بنجاتك ؛ ونجاة أهلك وإهلاك قومك. وقال بعضهم : (وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِ) : أي : بالعذاب الذي كنت تعدهم.
(وَإِنَّا لَصادِقُونَ) فيما نقول (٦) ، يحتمل هذا : أن لم يكن هذا منهم قولا قالوه ؛ لأن لوطا يعلم أنهم صادقون فيما يقولون ؛ حيث علم أنهم ملائكة الله ، لكن أخبر عنهم على ما كانوا عليه ، على غير قول كان منهم. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ).
أي : ببعض من الليل. وقال بعضهم بسحر ؛ على ما قال : (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ)
__________________
(١) في ب : له ذلك.
(٢) في ب : لوط وبين قومه.
(٣) قاله قتادة ، أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ١٩١).
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في أ.
(٦) في أ : تقول.