يذكر] ؛ صالحا وحده ، لكن ذكر المرسلين ؛ لأن صالحا كان يدعوهم إلى ما كان دعا سائر الرسل ، فإذا كذبوه فكأن قد كذبوا الرسل جميعا ؛ إذ كل رسول كان يدعو إلى الإيمان بالرسل جميعا ، فإذا كذب واحد منهم ـ فقد كذب الكل. والله أعلم.
وقوله : (وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ).
تحتمل الآيات : آيات وحدانية الله وحججه ، ويحتمل : جميع الآيات : آيات الوحدانية ، وحججه ، وآيات رسالتهم. (مُعْرِضِينَ) : أي : لم يقبلوها ؛ فإذا لم يقبلوها ـ فقد أعرضوا عنها ؛ [أو أعرضوا عنها](١) ، أي : كذبوها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ).
يحتمل آمنين عما وعدهم صالح من عذاب الله ؛ حيث قالوا : (يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف : ٧٧] كانوا آمنين عن ذلك.
وقال بعضهم (٢) : كانوا آمنين عن أن يقع عليهم ما نحتوا لحذاقتهم ، وهو ما قال : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) [الشعراء : ١٤٩] على تأويل بعضهم : حاذقين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ) يحتمل : أخذتهم ظاهرة بالنهار.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ).
يحتمل قوله : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ) : أي : ما كانوا ينحتون ، لا يغنيهم من عذاب الله من شيء.
ويحتمل : فما أغنى عنهم ما عملوا من عبادة الأصنام والأوثان ؛ حيث قالوا : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] ولقولهم (٣) : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨] أي : لم يغنهم ما عبدوا من عذاب الله.
أو يقول : ما أغنى عنهم ما متعوا وأنعموا في هذه الدنيا ؛ في دفع عذاب الله عن أنفسهم ؛ كقوله : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ ...) الآية [الأحقاف : ٢٦] أي : وإن أعطوا ما ذكر ؛ من السمع ، والبصر ، والأفئدة ، إذا لم ينظروا ، ولم يتفكروا في آيات الله فجحدوها.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) قاله البغوي (٣ / ٥٦).
(٣) في ب : قولهم.