يسرّون عند الإراحة والتسريح ، وذلك السرور يظهر في وجوههم ؛ فإذا ظهر ازداد لهم جمالا وحسنا ، وهكذا المعروف في الناس : أنهم إذا سروا يظهر ذلك السرور في وجوههم ؛ فيزداد لهم بذلك جمالا ، وإذا حزنوا وأصابهم غم ـ يؤثر ذلك الغم نقصانا في خلقتهم (١) ؛ فيزداد لهم قبحا وتشويها.
وقال بعضهم : إنهم إذا أراحوها أو سرّحوها رأى الناس أن أربابها أهل غنى ؛ وأهل ثروة ، وأنهم لا يحتاجون [إلى غيرهم ، وأن](٢) يكون لغير إليهم حاجة ؛ فيكون لهم بذلك ذكر عند الناس وشرف ، وذلك جمالهم وشرفهم فيها ، والجمال لهم فيها ظاهر ؛ لأن ما يبسط ويفرش إنما يتخذ منها ومن أصوافها ، وكذلك ما يلبس إنما يكون منها ، وإنما يبسط ، ويفرش ، ويلبس للتجمل والبهاء. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ).
ذكر أيضا ما جعل [فيها لنا](٣) من النعم ما تحمل من الأثقال ، من مكان إلى مكان ، ومن بلد إلى بلد ؛ ما لو لم يكن أنشأهن أعني : (٤) الأنعام التي أخبر أنها تحمل أثقالنا إلى ذلك بدونه إلا بجهد وشدة ، وذلك ـ والله أعلم ـ أن الله جعل في هذه الأنفس حوائج وقواما ما لا قوام لها إلا بذلك ؛ فلعله لا يظفر بما به قوام النفس إلا في بلد آخر أو مكان آخر ، فلو تحمل ذلك بنفسه ـ لكان في ذلك تلف نفسه ، وذهاب ما به قوامه ، فذكر أنه خلق لنا ما نحمل به من بلد إلى بلد ؛ مما به قوام أنفسنا وحاجاتنا. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) أي : من رحمته ورأفته ما جعل لكم من المنافع في الأنعام ؛ وما ذكر ، أو ذكر هذا ليرحموا على هذه الأنعام التي خلقها لهم (٥) ؛ في الإنفاق عليها (٦) ، والإحسان إليها ؛ وذكر فيه : (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) وذلك لا يوصل إلى أكله إلا بالذبح ؛ ليعلم أن الذبح فيما يؤكل ليس بخارج من الرحمة والرأفة.
وذلك ينقض على الثنوية قولهم ؛ حيث أنكروا ذبح هذه الأشياء ويقولون : إنهم يتألمون [بالضرب ، والقتل ، والذبح](٧) ؛ كما تتألمون أنتم ، فمن قصد أحدكم بالقتل فهو
__________________
(١) في أ : خلقهم.
(٢) في ب : لغيرهم.
(٣) في ب : لنا فيها.
(٤) في أ : غير.
(٥) في ب : لكم.
(٦) في أ : عليه.
(٧) في ب : بالذبح والضرب والقتل.