وقال بعضهم : بسطت على ظهر الثور فكانت تضطرب بتحركه فأرساها بما ذكر ، والله أعلم.
ثم قوله : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلاً) يخرج ذكر ذلك منه ذكر الامتنان والنعمة ؛ لأن له أن يترك الأرض على ما خلقها ؛ ولا يثبتها بالجبال ؛ لتميد (١) بأهلها وتميل (٢) ؛ فلا يقدروا على القرار عليها والانتفاع بها ، لكنه ـ بفضله ومنته ـ أثبتها بالجبال ؛ ليقروا عليها ، ويقدروا على الانتفاع بها. وكذلك له ألا يجعل لهم فيها أنهارا جارية ؛ فيكون مياههم من آبارها (٣) ، وكذلك له أن يحوجهم بأنواع الحوائج ؛ ثم لا يبين لهم الطرق والسبل التي بها يصلون إلى قضاء حوائجهم ، [ويكلفهم طلب الطرق والسبل التي بها يصلون إلى قضاء حوائجهم ، ويكلفهم طلب الطرق والسبل التي بها تقضى حوائجهم بأنواع الحوائج ، ثم لا يبين لهم الطرق والسبل](٤) ، لكنه بفضله ومنّه بيّن لهم الطرق والسبل التي تفضي إلى البلدان والأمكنة التي فيها تقضى حوائجهم ، وكذلك بفضله جعل لهم في الأرض أنهارا جارية ، وأثبت الأرض بالرواسي ؛ ليقروا عليها ، وذلك كله بمنّه وفضله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
يحتمل تهتدون الطرق والسبل التي تفضيهم إلى الحوائج.
ويحتمل : تهتدون الهدى المعروف ؛ بما ذكر من نعمه ومننه. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) هذا أيضا يخرج مخرج ذكر المنن والنعم عليهم ؛ لأنهم لو لا ما جعل الله أعلاما في البحار (٥) والبرارى يعرفون بها السلوك فيها ؛ وإلا لم يقدر أحد معرفة الطرق في البحار والبراري.
ثم يحتمل الأعلام : مرة بطعم الماء والجبال التي جعل فيها وبالرياح ، ومرة تكون بالنجم ؛ [يعرفون بطعم الماء أن هذا الطريق يفضي إلى موضع كذا ، وكذلك يعرفون بالجبال وبالرياح](٦) يعرفون السبل إلى حوائجهم ومقصودهم. وكذلك بالنجم يعرفون الطرق ؛ فالأعلام مختلفة بها يهتدون الطرق والسبل.
__________________
(١) في أ : ليمتد.
(٢) في أ : وتميلها.
(٣) في أ : آثارها.
(٤) ما بين المعقوفين سقط في ب.
(٥) في أ : البحر.
(٦) ما بين المعقوفين سقط في ب.