يحتمل قوله : (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) : أي : منكرة للإيمان (١) بالآخرة والبعث بعد الموت.
أو قلوبهم منكرة لجعل الألوهية والربوبية لواحد وصرف العبادة إليه ؛ كقولهم : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) [ص : ٥].
ويحتمل قوله : (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) لما جاء به الرسول ، وهم مستكبرون على ما جاء به من الله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) يحتمل مستكبرون على رسول الله ، لم يروه أهلا لخضوع أمثالهم (٢) لمثله ، أو مستكبرون إلى ما دعتهم الرسل ؛ لأن الرسل جميعا دعوا الخلق إلى وحدانية الله وجعل العبادة له.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ).
يحتمل قوله : (ما يُسِرُّونَ) : من المكر برسول الله ، والكيد له ، (وَما يُعْلِنُونَ) من المظاهرة عليه. أو يعلم ما يسرّون من أعمالهم الخبيثة التي أسروها و [ما](٣) أعلنوها ، يخبر أنه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم ؛ أسرّوا أو أعلنوا.
وقوله : (لا جَرَمَ) قال الأصم : (لا جَرَمَ) : كلمة تستعملها العرب في إيجاب تحقيق أو نفي تحقيق ؛ كقولهم : حقّا ، ولعمري ، وايم الله ، ونحوه.
وقال الحسن : هو كلمة وعيد.
وقال بعضهم : لا جرم ، وحقّا ، وبلى ، ولا بدّ ، كلّه في الحاصل : يرجع إلى واحد ، وهو وعيد ؛ لأن قوله : (يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) وعيد. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ).
لأنه لا يحبّ الاستكبار ، ولا يليق لأحد من الخلائق أن يتكبر على غيره من الخلق ؛ لأن الخلق كلهم أشكال وأمثال ، ولا يجوز لكل ذي [مثل وشكل](٤) أن يتكبر على شكله [ومثله](٥) ؛ لأن تكبّر بعضهم (٦) على بعض كذب وزور ؛ إذ جعل كلهم أمثالا وأشكالا ، لذلك كان زورا وكذبا ، وقد حرم الله الكذب والزور ، وجعله قبيحا في العقول.
__________________
(١) في أ : الإيمان.
(٢) في أ : الخضوع لأمثالهم.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : شكل ومثل.
(٥) سقط في أ.
(٦) في أ : بعض.