يعلموا ما عملوا.
ويحتمل قوله : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) : الأصنام التي عبدوها ؛ هن أموات غير أحياء.
قال بعضهم : أموات لأنها لا تتكلم ، ولا تسمع ، ولا تبصر ، ولا تنفع ، ولا تضرّ ؛ كالميت (غَيْرُ أَحْياءٍ) : أي : ليس فيها أرواح ينتفع بها كالبهائم والأنعام ، ويكون قوله : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) راجعا إلى الذين عبدوا الأصنام ؛ لأنها لا تشعر أيان يبعثون ، وهم يعلمون أنها لا تشعر ذلك ؛ لكن هم يشعرون حين يبعثون.
وقال بعضهم (١) : قوله : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) يبعث الآلهة والذين عبدوها جميعا ؛ كقوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) [يونس : ٢٨] وقوله : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ. مِنْ دُونِ اللهِ) [الصافات : ٢٢ ، ٢٣] قال بعضهم : يحشر أولئك الذين عبدوا الأصنام ، (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) : أي : حين يبعثون ، ولو شعروا ذلك في الدنيا ما فعلوا [ما فعلوا](٢) وإن كان قوله : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) راجعا إلى الملائكة والملوك الذين عبدوا دون الله يكون تأويل قوله : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) : أي : لا يشعرون وقت يبعثون ، وإن كان راجعا إلى الأصنام ، فقوله : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) : أي : لا يشعرون أنهم يبعثون ، لا يحتمل أن يكون قوله : (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) أن يقال [ذلك](٣) في الأصنام ؛ لأن أولئك يعلمون أنهم لا يخلقون ، وإنما يقال ذلك في الأصنام : لا تسمع ، ولا تبصر ، ولا تنفع ، فدل أن ذلك راجع إلى الملائكة والذين عبدوهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ).
قد ذكرنا فيما تقدم ما يبين إبطال ما كانوا يعبدون ، وما لا يليق بأمثالها العبادة لها ؛ ونصبهم آلهة (٤) ثم ذكر ما يبين جعل الألوهية والربوبية أنه لواحد ، وأنه هو المستحق لذلك دون العدد الذي عبدوها ؛ فقال : إلهكم إله واحد لا العدد الذي عبد أولئك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ).
__________________
(١) قاله البغوي (٣ / ٦٥).
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : إلهي.