وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ).
[يحتمل (ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ)](١) أضاف إنزاله إلى السماء ، وإن كانت الأرزاق إنما تخرج من الأرض لما كانت أسبابها متعلقة بالسماء ، يكون نضج الأنزال وينع الأعناب وإصلاح الأشياء كلها أعني أسباب الأرزاق من نحو المطر الذي به تنبت الأرض النبات وبه يخرج جميع أنواع الخارج مما يكون فيه غذاء البشر والدواب ، ومن نحو الشمس التي [ينضج بها](٢) الأنزال وبها تينع الأعناب وجميع الفواكه ونحوه أضاف ذلك إلى السماء لما ذكرنا.
وكذلك قوله : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) [الذاريات : ٢٢] أي : أسباب ذلك في السماء ؛ لا أن عين ذلك في السماء.
ويحتمل قوله : (ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ) أي : ما خلق الله لكم ؛ وكذلك جميع ما يضاف إلى الله إنما يضاف إليه بحق الخلق أي خلقه منزلا ؛ كقوله : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الزمر : ٦] ونحو ذلك ، أي : خلق لكم مما ذكر ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً) : قال بعضهم : ما حرموا من البحيرة والسائبة والوصيلة وما ذكر في سورة الأنعام والمائدة (٣).
وقال بعضهم : ما حرموا الآلهة التي كانوا عبدوها ، أي : جعلوها للأصنام وهو ما ذكر في الأنعام ، وهو قوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً ...) الآية [١٣٦] نحو ما ذكرنا في الآية ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) أي : آلله أذن لكم في تحريم ما حرمتم وتحليل ما أحللتم أم على الله تفترون : [بل على الله تفترون](٤) وذلك أن هذه السورة نزلت في محاجة أهل مكة وهم لم يكونوا مؤمنين بالرسل والكتب ، وإنما يوصل إلى معرفة [المحرم والمحلل](٥) بالرسل والكتب والخبر عن الله ، وهم لم يكونوا
__________________
ـ قتادة (١٧٦٩٠) ، والحسن (١٧٦٩١) ، وابن عباس (١٧٦٩٥).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٥٤) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس ، ولابن أبي شيبة عن سالم بن عبد الله ، وللبيهقي عن زيد بن أسلم وهلال بن يساف.
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : بها ينضج.
(٣) أخرجه ابن جرير (٦ / ٥٧١) (١٧٧٠٦ ، ١٧٧٠٧) عن مجاهد ، وبمثله عن ابن زيد (١٧٧٠٩) ، والضحاك (١٧٧١٠) ، وذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٣٥٨).
(٤) سقط في أ.
(٥) في ب : المحلل والمحرم.