المظلمة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) : إن للدين آفات وداء تضر به وتتلفه كما لهذه الأبدان آفات وأمراض تعمل في إتلافها وإهلاكها ، ثم جعلت لآفات الأبدان وأمراضها أدوية يشفى بها الأبدان [المؤرقة](١) المريضة ؛ فعلى ذلك جعل هذا القرآن شفاء لهذا الدين ودواء يداوى به ، فيذهب بآفات الدين وأمراضه ؛ كما تعمل الأدوية في دفع آفات الأبدان وأمراضها ؛ لذلك سماه موعظة وشفاء لما في الصدور ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُدىً وَرَحْمَةٌ) قيل : هدى من الضلالة ، ورحمة من عذابه. أو يقول : (وَهُدىً وَرَحْمَةٌ) هدى أي : يدعوا إلى كل خير ويهدي [إليه](٢) ، ورحمة : لمن اتبعه ، هو هدى ورحمة لمن اتبعه وتمسك به ، وعمى وضلال لمن خالفه وترك اتباعه وهو ما ذكر (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) [فصلت : ٤٤] ، وقال : (فَزادَتْهُمْ إِيماناً) [التوبة : ١٢٤] أي : زاد للمؤمنين إيمانا إلى إيمانهم ، و (فَزادَتْهُمْ رِجْساً) [التوبة : ١٢٥] أي : زاد للكافرين رجسا إلى رجسهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ) : قال بعضهم : فضل الله ورحمته القرآن (٣).
وقال قائلون : فضل الله القرآن ، ورحمته الإيمان (٤) ، وفيه أنه بإنزال القرآن متفضل إذ له ألا ينزل ، وفيه أن أهل الفترة يؤاخذون في حال فترتهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) أي : فرحكم بما ذكر [هو](٥) خير مما تجمعون من الدنيا.
وقال بعضهم : قوله : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ) : إنما خاطب المؤمنين بقول : قل للمؤمنين بفضل الله : الإسلام ، وبرحمته : يعني القرآن (٦) فبذلك يعني فبهذا الفضل والرحمة فليفرحوا يعني المؤمنين ، هو خير مما يجمعون يعني مما يجمع الكفار من الأموال من الذهب والفضة وغيره.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) أخرجه ابن جرير (٦ / ٥٦٩) (١٧٦٩٢ ، ١٧٦٩٣) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٥٤) وزاد نسبته لابن أبي شيبة عن مجاهد.
(٤) ذكره بمعناه البغوي (٢ / ٣٥٨) ونسبه لقتادة ومجاهد وابن عادل في اللباب (١٠ / ٣٥٩).
(٥) سقط في ب.
(٦) أخرجه بمعناه ابن جرير (٦ / ٥٦٨ ـ ٥٦٩) عن كل من : هلال بن يساف (١٧٦٨٤ ، ١٧٦٨٥ ، ١٧٦٨٦ ، ١٧٦٨٧ ، ١٧٦٨٨ ، ١٧٦٩٦).