(إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) ، فالذى علمه غيره ليس بمفتر ؛ إنما يكون الافتراء من ذات نفسه فهو ظاهر التناقض.
وقوله : (عَرَبِيٌّ مُبِينٌ).
يحتمل : مبين ما لهم وما عليهم ، أو مبين للحقوق التي لله عليهم وما لبعضهم على بعض ، أو مبين : أي بين أنه من عند الله نزل ؛ ليس بمفترى.
وهذه الآية ترد على الباطنيّة قولهم ؛ لأنّهم يقولون : إن رسول الله هو الذي ألف هذا القرآن بلسانه ، ولم ينزله الله عليه بهذا اللسان ؛ فلو كان على ما ذكروا ما كان لأولئك ادعاء ما ادعوا على رسول الله من الافتراء.
قوله : (يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ).
قال بعضهم (١) : يميلون إليه ، وهو قول أبي عوسجة والقتبي (٢) ؛ قالوا : الإلحاد : الميل (٣) ، وكذلك سمّي اللّحد لحدا ؛ لميله إلى ناحية القبر.
وقال الكسائى : هو من الركون إليه ، أي : يركنون.
قوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ).
قال الحسن : إنه ـ والله ـ من كذب بآيات الله فهو ليس بمهتد عند الله.
[و] قال أبو بكر : لا يهديهم الله بتكذيبهم الآيات.
فهو كله خيال على كل من يشكل ويخفي أن من كذب بآيات الله فهو غير مهتد من يظن هذا ، وقول أبي بكر ـ أيضا ـ من يتوهم أن من كذب بآيات الله أنه يهديه ـ هذا فاسد ، خيال كله ، وأصله عندنا قوله : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ) [؛ لعنادهم ومكابرتهم ؛ لأنهم كانوا يعاندون بآيات الله ويكابرونها ، ويكذبون مع علمهم أنها آيات ، وأنها حق أو قال ذلك في قوم علم أنهم لا يؤمنون](٤) ويموتون عليه ؛ فمن علم منه أنه لا يؤمن لا يهديه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ).
لا الذين يؤمنون بها ويصدقونها.
(وَأُولئِكَ).
__________________
(١) قاله البغوي (٣ / ٨٥).
(٢) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٤٩).
(٣) ينظر اللباب (١٢ / ١٥٩ ، ١٦٠).
(٤) ما بين المعقوفين سقط في أ.