أمرك وحالاتك وما تتلو منه من قرآن تبلغهم به الرسالة وقال بعضهم : قوله : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ) أي : في عبادة.
(وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ) : تبلغهم به الرسالة.
(وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) : يخاطب نبيه تنبيها منه وإيقاظا والمراد منه هو وغيره ، ألا ترى أنه قال : (وَلا تَعْمَلُونَ) من عمل عمهم جميعا في ذلك ، يخبر أنكم في كل أمر يكون بينكم وبين ربكم ، وفي كل أمر بينكم وبين الناس ـ فلله لكم وعليكم شهود ، أو كل عمل تعملون لكم وعليكم شهود ينبههم ويوقظهم ليكونوا على حذر أبدا منتبهين [متيقظين (إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) قال بعضهم : (تُفِيضُونَ فِيهِ) تأخذون فيه وتخوضون فيه.
وقيل : تقولون فيه.](١) وقيل : يكثرون فيه ؛ وكله واحد.
ثم يحتمل قوله : (فِيهِ) في الحق ، ويحتمل في الدين ، ويحتمل في القرآن ، ويحتمل في رسول الله ؛ يقول : أنا شاهد فيما تخوضون وفيما تقولون في رسول الله ، أو في دينه ، أو فيما يتلو عليكم.
(وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) : لا يعزب (٢) ، [أي : لا يغيب](٣) عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ، ولا في السماء فيما لا أمر فيه ولا نهي ولا كلفة ، فالذى فيه السؤال والأمر والنهي والكلفة أحرى وأولى ألا يغيب عنه شيء.
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط في أ.
(٢) قرأ الكسائي هنا ، وفي سبأ [٣] : (يَعْزُبُ) بكسر الزاى ، والباقون بضمها ، وهما لغتان في مضارع «عزب» ، يقال : عزب يعزب ويعزب ، أي : غاب حتى خفي ، ومنه الروض العازب ؛ قال أبو تمام :
وقلقل نأى من خراسان جأشها |
|
فقلت : اطمئنّى ، أنضر الروض عازبه |
وقيل للغائب عن أهله : «عازب» ، حتى قالوا لمن لا زوج له : عازب.
وقال الراغب : (العازب : المتباعد في طلب الكلأ ، ويقال : رجل عزب ، وامرأة عزبة ، وعزب عنه حلمه ، أي : غاب ، وقوم معزبون ، أي : عزبت عنهم إبلهم) ، وفي الحديث : «من قرأ القرآن في أربعين يوما ، فقد عزب» ، أي : فقد بعد عهده بالختمة ، وقال قريبا منه الهروي ، فإنه قال : (أى : بعد عهده بما ابتدأ منه ، وأبطأ في تلاوته) وفي حديث أم معبد : (والشاء عازب حيال).
قال : والعازب : البعيد الذهاب في المرعى ، والحائل : التي ضربها الفحل ، فلم تحمل لجدوبة السنة ، وفي الحديث أيضا : «أصبحنا بأرض عزوبة صحراء» أي : بعيدة المرعى. ويقال للمال الغائب : عازب ، وللحاضر : عاهن ، والمعنى في الآية : وما يبعد ، أو : ما يخفى ، أو : ما يغيب عن ربك.
ينظر اللباب (١٠ / ٣٦٣ ، ٣٦٤).
(٣) سقط في أ.