قال بعضهم : إن كان كبر عليكم طول مقامي ومكثي فيكم ودعائي إياكم إلى عبادة الله ، والطاعة (١) له ، وتذكيري إياكم بآياته. قال بعضهم : وتذكيري بعذابه بترككم إجابتي ودعائي.
ويحتمل قوله : (إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي) بما ادعى من الرسالة ، (وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ) أي بحجج الله على ما ادعيت من الرسالة.
وفي قوله : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ) وجوه :
أحدها : اتل منابذة نوح قومه وما أرادوا به من الكيد والمكر به.
والثاني : اذكر عواقب قوم نوح ، وما حل بهم من سوء معاملتهم رسولهم.
والثالث : اذكر لهولاء عواقب متبعي قومه ومخالفيه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) قال بعضهم : أي اجتمعوا أنتم وشركاؤكم ثم كيدوني ، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ، أي : اجعلوا ما تسرون من الكيد والمكر بي ظاهرا غير ملتبس ولا مشبه.
وقال بعضهم : قوله : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ) أي : أعدوا أمركم وادعوا شركاءكم (٢) ؛ وكذلك روي في حرف أبي (٣) : فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم.
(ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) أي : اقضوا ما أنتم قاضون.
__________________
ـ خفت.
الثالث : أن الكفار إذا سمعوا هذه القصص ، وعلموا أن الجهال وإن بالغوا في إيذاء الأنبياء المتقدمين ، إلا أن الله ـ تعالى ـ أعانهم بالآخرة ، ونصرهم ، وأيدهم ، وقهر أعداءهم ، كان سماع هؤلاء الكفار لهذه القصص سببا لانكسار قلوبهم ، ووقوع الخوف في صدورهم ؛ فحينئذ يقللون من الأذى والسفاهة.
الرابع : أن محمدا ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما لم يتعلم علما ، ولم يطالع كتابا ، ثم ذكر هذه القصص من غير تفاوت ، ومن غير زيادة ولا نقصان ، دل ذلك على أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ إنما عرفها بالوحي والتنزيل.
ينظر : اللباب (١٠ / ٣٧٤ ، ٣٧٥)
(١) في أ : وإطاعته.
(٢) اخرجه ابن جرير (٦ / ٥٨٥) (١٧٧٧٥) عن الأعرج ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٦٣) وعزاه إلى ابن أبي حاتم عن الأعرج.
(٣) قرأ العامة : وشركاءكم نصبا ، وفيه أوجه :
أحدها : أنه معطوف على (أَمْرَكُمْ) بتقدير حذف مضاف ، أي : وأمر شركائكم ؛ كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)[يوسف : ٨٢].
الثاني : أنه عطف عليه من غير تقدير حذف مضاف ، قيل : لأنه يقال أيضا : أجمعت شركائي.
الثالث : أنه منصوب بإضمار فعل لائق ، أي : واجمعوا شركاءكم بوصل الهمزة ، وقيل : تقديره : وادعوا ، وكذلك هي في مصحف أبي : وادعوا فأضمر فعلا لائقا ؛ كقوله ـ تعالى ـ (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ) [الحشر : ٩] ، أي : واعتقدوا الإيمان. ـ