وقال بعضهم : قوله : (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً) أي : لا يكبر عليكم أمركم (١).
وقال الكسائي : هو من التغطية واللبس ، أي : لا تغطوه ولا تلبسوه ، اجعلوا كلمتكم ظاهرة واحدة.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : «لا يكن أمركم اغتماما عليكم» ، أي : فرجوا عن أنفسكم ؛ كقوله : (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ ...) الآية [الحج : ١٥].
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) أي : اعملوا بي ما تريدون ولا تنظرون ؛ وهو كقوله : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) [طه : ٧٢].
وقال الكسائي : هو من الإنهاء والإبلاغ ؛ وهو كقوله : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ ...) الآية [الإسراء : ٤] (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) [الحجر : ٦٦] ، أي : أنهينا إليه وأبلغنا إليه.
وقال أبو عوسجة : إن شئت جعلتها ظلمة فلا يبصرون أمرهم يعني غمّة ، وإن شئت جعلتها شكا واشتقاق (٢) الغمة ، من غم يغم غما أي غطى يغطي ، تقول : غممت رأسه أي غطيته ، (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَ) أي : افعلوا بي ما أردتم وفي قول نوح لقومه : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ...) إلى قوله : (وَلا تُنْظِرُونِ) ، وقول هود : (فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) [هود : ٥٥] ، وقول رسول الله : (قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ) دلالة إثبات رسالتهم ؛ لأنهم قالوا ذلك لقومهم وهم بين أظهرهم ، ولم يكن معهم أنصار ولا أعوان ؛ دل أنهم إنما قالوا ذلك اعتمادا على الله واتكالا بمعونته ونصرته (٣) إياهم.
وقال بعضهم في قوله : (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَ) أي : فافرغوا إلى يقال [قضى](٤) فرغ ؛ وهو قول أبي بكر الأصم.
__________________
ـ ومثله قول الآخر :
علفتها تبنا وماء باردا |
|
حتى شتت همّالة عيناها |
أى : وسقيتها ماء.
وكقوله :
يا ليت زوجك قد غدا |
|
متقلدا سيفا ورمحا |
وغير ذلك من الوجوه.
انظر اللباب : (١٠ / ٣٧٧).
(١) أخرجه ابن جرير (٦ / ٥٨٥) (١٧٧٧٦) عن قتادة ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٦٤) وعزاه لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن قتادة.
(٢) في أ : وإشفاق.
(٣) في ب : ونصره.
(٤) سقط في ب.