شاكين في دينكم الذي أنتم عليه ، فتركتم ديني الذي أنا عليه بالشك ، [ثم تدعونني إلى دينكم الذي أنتم عليه بالشك ، يذكر سفههم بتركهم إجابتهم بالشك ودعائهم إياه بالشك إلى دينهم لأن الشك](١) يوجب الوقف في الأشياء ، ولا يوجب الدعاء إليه إنما يوجب الدعاء إليه بطلان غيره لا الشك ، هذا ـ والله أعلم ـ محتمل وهو يخرج على وجهين أيضا : أحدهما : على الإضمار ، والآخر على المنابذة ، والإضمار ما ذكرنا : إن كنتم في شك من ديني الذي أدين به [وأدعوكم إليه فإني لا أشك فيه ، هذا وجه الإضمار ، ووجه المنابذة : يقول إن كنتم في شك مما أعبد وأدين به](٢) فلا تعبدون ذلك ولا تدينون به ، فأنا لا أعبد ما تعبدون ولا أدين ما تدينون ؛ وهو كقوله : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) [الكافرون : ٦].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) : والتوفي هو [النهاية والغاية](٣) في الإضرار ، وما تعبدون من الأصنام دونه لا يملكون توفيكم ولا الإضرار بكم إن لم تعبدوها ، يذكر سفههم ويلزمهم الحجة أن الذي يتوفاهم هو المستحق للعبادة لا الأصنام التي تعبدونها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : يشبه أن يكون قوله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) من المرسلين ؛ كقوله : (إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) [الصافات : ١٢٢] ، وقال : (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) [الصافات : ٨١] فعلى ذلك هذا.
ويحتمل الإيمان نفسه على ما نهي أن يكون من المشركين أو الشاكين ؛ فعلى ذلك أمر أن يكون من المؤمنين المخلصين له المسلمين أنفسهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) أي : أمرت أن أقيم نفسي لله خالصة سالمة لا أشرك فيها غيره ولا أجعل لسواه فيها نصيبا ، أو أن يقول : إني أمرت أن أقيم نفسي على ما عليها شهادة خلقتها ؛ إذ خلقة كل نفس تشهد على وحدانية الله وألوهيته ، أو يقول : أقم وجه أمرك لما تدين به وتقيم عليه.
(وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) : هذا ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ) : إن أطعته وأجبته ، (وَلا يَضُرُّكَ) : إن تركت إجابته وطاعته.
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط في أ.
(٢) ما بين المعقوفين سقط في أ.
(٣) في ب : الغاية والنهاية.