وقوله : (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ) يحتمل لا تعبد من دون الله ما لا يملك جر المنفعة.
ويحتمل الدعاء نفسه ، أي : لا تدعوا (١) من دون الله إلها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ) : [ذكر هاهنا](٢) الظلم إن فعل ما ذكر والمراد منه الشرك ، وذكر في قصة آدم وحواء : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) [البقرة : ٣٥] ، وقد قرباها ولم يكونا مشركين إنما كانا عصاة ؛ ليعلم أن ليس في الموافقة في الأسماء موافقة في الحقائق والمعاني إنما يكون الموافقة في الحقائق في موافقة الأسباب ؛ لذلك كان ما ذكروا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) : فيه الرجاء والطمع إلى من دونه ؛ إذ أخبر أنه لا يوجد ذلك من عند غيره.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) : أخبر أنه إن أراد خيرا وفضلا فلا راد لذلك الفضل ، والخير ، والإيمان من أعظم الخيرات وأفضلها ، فإذا [أراده لإنسان](٣) كان لا يملك أحد دفع ما أراد ولا رده ؛ دل أنه إذا أراد الإيمان لأحد كان مؤمنا ، فهو ينقض على المعتزلة حيث قالوا : إنه أراد الإيمان للخلق كلهم. لكنهم لم يؤمنوا ؛ إذ أخبر أنه إذا اراد به خيرا فلا راد [لذلك الفضل](٤) ، وهم يقولون : بل يملك العبد رد ما أراد له ودفعه ، وبالله العصمة.
وفيه أن ليس على الله فعل [لهم](٥) ـ أعني فعل الخير ـ لأنه سماه فضلا ، والفضل هو فعل ما ليس عليه ، وهو المفهوم في الناس أن ما عليهم من الفعل لا يسمونه فضلا إنما يسمون الفضل ما ليس عليه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) : يصيب به من يشاء من الفضل والخير أو من الشر ، وفيه دلالة تخصيص بعض على بعض حيث قال : (يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ).
(وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) : لا يعجل بالعقوبة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) : قيل : الحق محمد (٦) صلىاللهعليهوسلم وقيل : الحق : القرآن الذي أنزل عليه (٧) ، وأمكن أن يكون الحق هو الدين الذي كان
__________________
(١) في ب : تسم.
(٢) في ب : هاهنا ذكر.
(٣) في أ : أراد الإنسان.
(٤) في أ : لفضله.
(٥) سقط في ب.
(٦) ذكره أبو حيان في البحر (٥ / ١٩٦).
(٧) ذكره ابن جرير (٦ / ٦١٩) ، وأبو حيان (٥ / ١٩٦) ، والبغوي (٢ / ٣٧٢).