قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [المائدة : ٣] الآية ، وقد قضت الآية أن في بهيمة الأنعام حلالا وحراما.
الثالثة : تحريم الصيد على المحرم ، وذلك بقوله تعالى : (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) وفي تقدير الكلام وجوه :
الأول : أن التقدير أوفوا بالعقود غير محلي الصيد ، وقوله تعالى : (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ). أي : إباحة بهيمة الأنعام حال تحريم الصيد ، وتحريمه (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ). والمعنى : كيلا يحرج عليكم ، وهذا عن الأخفش.
الثاني : أن التقدير : أحلت لكم بهيمة الأنعام غير محلي الصيد ، وقيل : غير بمعنى إلا ، والتقدير : إلا تحليل الصيد ؛ لأن إباحة بهيمة الأنعام لا يقيد بوقت الأحرام ، والمراد بالصيد المحرّم على المحرم ، هو صيد البر لقوله تعالى في هذه السورة : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً). [المائدة : ٩٦] هذا إذا جعلنا حرما جمع محرم ، وهو الفاعل للإحرام ، وإن جعلناه للداخل في الحرم استوى تحريم البحري والبري ، وذلك حيث يكون في الحرم نهر فيه صيد ، فيحرم لقوله تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) [آل عمران : ٩٧] لأنه يقال لمن دخل الحرم : إنه محرم ، كما يقال : أعرق ، وأنجد إذا دخل العراق ونجدا ، قال الراعي :
قتلوا بن عفان الخليفة محرما |
|
فدعا فلم أر مثله مخذولا |
أي داخلا في حرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو المدينة ، ويكون التحريم في حرم مكة وحرم المدينة ، لما ورد من الأخبار في النهي عن صيد المدينة وأخذ شجرها نحو (المدينة حرم من عير إلى ثور) (١).
__________________
(١) عير ، وثور : جبلان في المدينة المنورة.