فأما السكران إذا سرق فلا أعرف نصا ، وهو يحتمل أن يقال : قد حكي عن أبي العباس ، وأبي طالب : لا يقاد إذا قتل فكذا لا يقطع ، وأصلهما : أن طلاقه غير واقع كما لا يصح بيعه ، فيلزم أن تسقط تبعة أفعاله عموما ، لكن قد قالوا : إذا زنى حدّ وفاقا.
وفي الزوائد : عن الناصر ، والمؤيد بالله : أنه يقاد إذا قتل ، فيحتمل أن يقال : يقطع إذا سرق ، وفي ردته خلاف ، وهذه المسألة مفتقرة إلى بيان القاعدة التي تبنى عليها أحكام أفعاله ، وبيان وجه الإجماع في حده إذا زنى ، وقد قيل : وكذا يحد إذا قذف ، ولا فرق بين الذكر والأنثى ، والحر والعبد ، أما لو كان آبقا وسرق وقطع.
قال في النهاية : لم يظهر في ذلك خلاف إلا خلاف من خالف في الصدر الأول وهم ابن عباس ، وعثمان ، وعمر بن عبد العزيز.
وشرط القطع أن يكون السارق لا شبهة له في المسروق ؛ ليخرج الأب والأم ، فإنه لا خلاف أنه لا قطع في ذلك (١) لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنت ومالك لأبيك».
وأما إذا سرق من مال والده ففي ذلك القطع عند القاسم ، والهادي ، والناصر لعموم الآية.
وقال أبو حنيفة ، وزيد ، والمؤيد بالله ، والشافعي : لا قطع ، لكن الشافعي يقول : لا قطع على من سرق من مال آبائه ، وأبو حنيفة يقول : لا قطع على من سرق على ذوي رحم محرم.
واحتجوا بقوله تعالى في سورة النور : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ) [النور : ٦١] قلنا : في ذلك وجوه :
__________________
(١) وإن سفل الولد.