وعن الحسن أنه دعي إلى طعام ومعه فرقد السنجي وأصحابه ، فقعدوا على المائدة وعليها ألوان (١) من الدجاج ، والمسمن ، والفالوذ ، وغير ذلك ، فاعتزل فرقد ناحية.
قال الحسن : أهو صائم؟ قالوا : لا ، ولكنه يكره هذه الألوان ، فأقبل الحسن عليه وقال : يا فرقد أترى لعاب النحل بلباب البر ، بخالص السمن يعيبه مسلم.
وروي عنه أنه قيل له : إن فلانا لا يأكل الفالوذ ويقول : لا أودي شكره ، قال : أيشرب الماء البارد؟ قيل : نعم ، قال : إنه جاهل أن نعمة الله تعالى في الماء البارد أكثر من نعمته عليه في الفالوذ.
ثمرة الآية : النهي عن تحريم الطيبات من الحلال ، ولكن ما هذا التحريم الذي نهى الله عنه؟
قلنا : ذكر الحاكم أنه يحتمل وجوها ، لا مانع من الحمل على جميعها :
أحدها : لا تعتقدوا التحريم.
ومنها : لا تظهروا التحريم.
ومنها : لا تحرموا على غيركم بالفتوى والحكم.
ومنها : لا تجروه مجرى المحرم في شدة الاجتناب.
ومنها : لا تلتزموا تحريمه بنذر أو يمين.
وقال القاضي : لا تحرموا بفعل صدر منكم ، كالبياعات الربوية ، وخلط الحلال بالمغضوب ، والطاهر بالنجس.
وقيل : هو جب المذاكير ، وقطع آلة النسل ، فإن قيل : ما فائدة النهي عن التحريم للطيبات وهي لا تحرم؟
__________________
(١) في ب (وعليها الألوان).