وأما الكسوة فتجوز القيمة بالإجماع ، لا قيمة العتق فلا تجوز بالإجماع ، وإذا جوزنا القيمة فإنه إذا أطعم خمسة ، وكسا خمسة ، ينوي أحدهما عن الآخر جاز.
الثالثة : في تقدير الطعام ، فقال المؤيد بالله ، وأبو طالب تحصيلا للهادي : نصف صاع من البر أو دقيقه ، وصاع من غيره ، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ، وهذا مروي عن عمر ، والشعبي ، والنخعي ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والضحاك ، وقال الشافعي ومالك : إنه مدّ ، ومنشأ الخلاف هل قوله تعالى : (مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) يراد به الوجبة الواحدة أو إطعام اليوم؟
فقال الشافعي ، ومالك : أراد الوجبة الواحدة ، وهو مروي عن ابن عباس ، وزيد بن ثابت ، وعطاء ، والحسن.
وأما اشتراط أكله بنفسه فالأكثر أنه غير شرط ، وحكى الحاكم عن الهادي عليهالسلام أنه شرط وتؤوّل.
وجه الأول : إطلاق تسمية الإطعام عليه ، وحكي عن الهادي أن الأكل غير شرط ، وكذا روى في (الروضة والغدير) أن الأمير بدر الدين قال : مذهب الهادي أن الأكل غير شرط ؛ لأنه ينطلق لفظ الإطعام على التمليك ، وقال الأولون : قوت يوم وهو وجبتان (١) ، قالوا : لأن ما قلنا مروي عن علي عليهالسلام ، والقياس على فدية الأذى يدل على أنه لا يجوز أقل من نصف صاع من البر ؛ لكن في فدية الأذى يجوز نصف الصاع من سائر الحبوب ، وحديث المظاهر ، وإعانة النبي عليهالسلام له بالعرق ، واختلفوا في تقديره : هل ثلاثون صاعا؟ أم خمسة عشر صاعا؟ وقد تقدم أنه يفرق على الصغير ما يقدر للكبير.
__________________
(١) ولفظ البحر (لقوله تعالى (مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) والأوسط : الأكلتان).