كلامنا في مكفر أبيح له الصوم إن لم يجد إحدى الثلاث ، وكلام المنصور بالله ، والوافي ، والشافعي في إباحة الصوم مع وجود الرقبة المحتاج إليها جلي ، وإلا كان يلزم ألا يجزئه الصوم مع وجود كسوة له لا يستغني عنها ، يأتي بقوت عشرة مساكين ، وهذا مستبعد.
الرابعة : أن العبرة بالوجود ووقت الإخراج ، لا وقت الوجوب ، على ما خرجه أبو طالب ، وصاحب الوافي ليحيى ، وهو قول أبي حنيفة ، وأصحابه ، وقول للشافعي ؛ لأن الآية الكريمة تناول حال الأداء ، وللشافعي أقوال : العبرة بحال الوجوب ، وقول بأغلظ الحالين.
وجه قولنا : أن الله تعالى أباح الصوم بشرط العدم ، وإذا صام مع العدم دخل في عموم الآية ، ولو أيسر بالكفارة قبل الفراغ من الصوم انتقل عنه ؛ لأنه لا يجزئه صوم مع الوجود ، فإن أبطل بعضه بطل كله.
الخامسة : إذا نسي الرقبة ، أو المال وصام هل يجزيه ذلك أم لا؟
قلنا : روي عن أبي حنيفة أنه يجزئه ، وذكر أبو طالب احتمالين ، وأما المؤيد بالله فقال : لا يجزيه التيمم مع نسيان الماء ، ولا الصوم مع نسيان المال ، وسبب الخلاف هل يطلق عليه اسم الوجود أم لا؟ وقد جوزت الهدوية التيمم مع نسيان الماء ، لكن قالوا : التيمم يجوز مع وجود الماء للتعذر ، ولهذه المسألة شبه مما لو صلى إلى جهة يعتقد أنها القبلة فانكشف الخطأ (١) ، والله أعلم.
__________________
(١) ففي المصلي يعيد في الوقت لا بعده ، وهنا يعيد إذا ذكر المال قبل تمام الصوم ، وإلا فلا ؛ لأن الفراغ مما لا وقت له كخروج وقت المؤقت ، والله أعلم (ح / ص).
وظاهر المذهب أنها تجب الإعادة ، وأن النسيان غير عذر ، نصوا عليه في كفارة الظهار فكذا هنا بخلاف المصلي فكما ذكر ، وقد ذكروا الفرق في الظهار وهو أن الانتقال إلى الصوم مشروط بعدم الوجود وهو واجد ، وفي الصلاة قد أمر بالتحري فأجزأه لخبر السرية ، والله أعلم. (ح / ص).