قالوا : وغير المقتول لا جزاء له ، فحصل أن الجزاء هو المثل ، ويعود النزاع في المماثلة ، فلا يكون في قراءة الإضافة دليل لأحد المذهبين.
وكذا قوله تعالى : (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) قرئ (كفارة) بالتنوين و (طعام) بالرفع ، وقرئ : (كفارة) بالإضافة ، و (طعام) بالجر ، وليس المقصود أن الكفارة للطعام ، وإنما المراد أن الطعام هو الكفارة (١).
وقوله تعالى : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) لا يقال : هذا يدل أنه يرجع في كل وقت إلى حكم العدلين ، وهذا لا يتأتى إلا في القيمة ؛ لأنا قلنا : المماثلة في الخلقة مما قد حكم به ، فقد استمر في كل وقت ؛ لأنه قد (٢) يختلف الشبه فيما لم يكن قد حكم به ، وعند ذلك يرجع إلى حكم العدلين لاختلاف الشبه في كل وقت.
وروي أن قبيصة أصاب ظبيا وهو محرم ، فسأله عمر فشاور عبد الرحمن بن عوف ، ثم أقره بذبح شاة ، فقال قبيصة لصاحبه : والله ما علم أمير المؤمنين حتى سأل غيره ، فأقبل عليه ضربا بالدرة ، وقال له : أتغمص (٣) الفتيا ، وتقتل الصيد وأنت محرم ، قال الله تعالى : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) وهذا عبد الرحمن ، وأنا عمر.
وقوله تعالى : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) قيل : أراد الحرم المحرم ، فلا يجوز الذبح في غيره.
وأما التصدق فمذهبنا ، والشافعي : لا يجوز في غير الحرم ، وقال أبو حنيفة : يجوز ، وقد ادعى الحاكم الإجماع على أن الذبح في الحرم ، وعلى أن الصوم يجوز في أي مكان ، والخلاف في الصدقة كما ذكر.
__________________
(١) فهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه.
(٢) في نسخة (لأنه إنما يختلف الشبه)
(٣) الغمص : التصغير.